(بِعَهْدِ اللَّهِ) وبيعة رسول الله ﷺ (ثَمَناً قَلِيلًا): عرضاً من الدنيا يسيراً، وهو ما كانت قريش يعدونهم ويمنونهم إن رجعوا، (إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ) من إظهاركم وتغنيمكم، ومن ثواب الآخرة (خَيْرٌ لَكُمْ).
[(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)].
(ما عِنْدَكُمْ) من أعراض الدنيا (يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّه) من خزائن رحمته (باقٍ) لا ينفد. وقرئ: (لَنَجْزِيَنَّ) بالنون والياء، (الَّذِينَ صَبَرُوا) على أذى المشركين ومشاقّ الإسلام. فإن قلت: لم وحدت القدم ونكرت؟ قلت: لاستعظام أن تزلّ قدم واحدة عن طريق الحق بعد أن ثبتت عليه، فكيف بأقدام كثيرة؟
[(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)].
فإن قلت: (مَنْ) متناول في نفسه للذكر والأنثى، فما معنى تبيينه بهما؟ قلت: هو مبهم صالح على الإطلاق للنوعين، إلا أنه إذا ذكر كان الظاهر تناوله للذكور، فقيل (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) على التبيين، ليعمّ الموعد النوعين جميعاً (حَياةً طَيِّبَةً) يعني:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((لَنَجْزِيَنَّ) بالنون والياء)، بالنون: ابن كثير وعاصم.
قوله: (ليعم الموعدُ النوعين جميعاً)، قال صاحب "الفرائد": لو لم يذكر الأنثى لكانت داخلة في الحكم بطريق التغليب، ألا ترى إلى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) دخلت


الصفحة التالية
Icon