غَمْرُ الرِّدَاءِ إذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكاً غَلِقَتْ لِضِحْكَتِهِ رِقَابُ المَالِ
استعارة الرداء للمعروف، لأنه يصون عرض صاحبه صون الرداء لما يلقى عليه. ووصفه بالغمر الذي هو وصف المعروف والنوال، لا صفة الرداء، نظر إلى المستعار له. والثاني: أن ينظروا فيه إلى المستعار، كقوله:
يُنَازِعُنِي رِدَائِي عَبْدُ عَمْرٍو رُوَيْدَكَ يَا أَخَا عَمْرِو بْنِ بَكْر
لِيَ الشّطْرُ الَّذِى مَلَكَتْ يَمِينِى وَدُونَكَ فَاعْتَجِرْ مِنْهُ بِشَطْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (غمرُ الرداء إذا تبسم) البيت، "غمر الرداء" أي: كثيرُ العطاء، يقال: غلق الرهن: إذا استحقه المرتهن، وذلك إذا لم يفتك في الوقت المشروط. قال زهير:
وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
أي: ارتهنت قلبه فذهبت به، يقول: إذا ضحك ضحكة أيقن السائل أنه بذلك التبسم استغلق رقاب ماله ويعطي بلا خلاف.
قوله: (ووصفه بالغمر الذي هو وصف للمعروف)، أي: فرع على المستعار له، لأن الغمر مناسب للمعروف لا على المستعار؛ لأن الغمر غير مناسب للرداء. وقلت: وفيه عدول عن الظاهر؛ لأن الغمر ليس صفة حقيقية للنوال والمعروف، بل هو وصف للبحر المستعار أولاً للمعروف، يقال: غمره الماء يغمره غمراً، أي: علاه، والغمر: الماء الكثير، فهو هاهنا تجريد للاستعارة بعد أن كان ترشيحاً، وهذا المثال المستشهد به يشبه استعماله استعمال الآية في أن التجريد ليس تجريداً محضاً.
قوله: (ينظروا فيه إلى المستعار)، أي: المستعار منه.
قوله: (ينازعني ردائي)، البيتين، الاعتجار: لف العمامة من غير إدارة تحت الحنك.


الصفحة التالية
Icon