للنبوّة، (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيم) إلى ملة الإسلام. (حَسَنَةً) عن قتادة: هي تنوبه الله بذكره، حتى ليس من أهل دين إلا وهم يتولونه. وقيل: الأموال والأولاد، وقيل: قول المصلى منا: كما صليت على إبراهيم (لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لمن أهل الجنة.
[(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)].
(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) في «ثم» هذه ما فيها من تعظيم منزلة رسول الله» صلى الله عليه وسلم، وإجلال محله، والإيذان بأنّ أشرف ما أوتى خليل الله إبراهيم من الكرامة، وأجلّ ما أولى من النعمة: اتباع رسول الله ﷺ ملته، من قبل أنها دلت على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليه بها.
[(إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هي تنويه الله بذكره)، وهو من إضافة المصدر إلى الفاعل، ناه ينوه: إذا ارتفع، ونوهته تنويها: إذا رفعته، ونوهت باسمه: إذا رفعت بذكره.
قوله: (في (ثُمَّ) هذه ما فيها)، إبهامية، نحوها في قوله: (فَغَشِيَهُمْ مِنْ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ) [طه: ٧٨]، وفيها تكرير للظرف، نحو قولهم: فيك زيدٌ راغبٌ فيك، أي: حصل من إتيان (ثم) التي تُعطي معنى التراخي في علو الرتبة مجازاً، تعظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيذان أن أشرف ما أوتي خليل الله اتباع رسول الله ملته، يعني: لما أُمر حبيب الله باتباع ملة خليل الله حصلت لخليل الله منزلة عالية لا يُدانيها ما وُصف به من ابتداء قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً) إلى هنا.
قال صاحب "الانتصاف": كأنه قال: وههنا ما هو أعلى من ذلك قدراً ورتبة، وهو أن سيد البشر مأمور بالوحي باتباعه، ونصيب النبي ﷺ في هذا التعظيم أوفر وأكبر.


الصفحة التالية
Icon