فقال: «أما والذي أحلف به، لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك»؛ فنزلت، فكفر عن يمينه وكفّ عما أراده. ولا خلاف في تحريم المثلة. وقد وردت الأخبار بالنهى عنها حتى بالكلب العقور. إما أن رجع الضمير في (لَهُوَ) إلى صبرهم وهو مصدر (صبرتم). ويراد بالصابرين: المخاطبون، أي: ولئن صبرتم لصبركم خير لكم، فوضع (الصابرون) موضع الضمير؛ ثناء من الله عليهم بأنهم صابرون على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما ابنه حنظلة فهو المعروف بغسيل الملائكة، قُتل يوم أحدٍ شهيداً. قالت امرأته: حنظلة أجنب وغسلت إحدى شقي رأسه، فلما سمع الهيعة خرج، فقُتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت الملائكة تُغسله".
قوله: (فوضع "الصابرون" موضع الضمير ثناء من الله)، الراغب: الصبر: الإمساك في ضيق، يقال: صبرت الدابة؛ حبستها بلا علف، وصبرتُ فلاناً: خلفته خلفةً لا خروج له منها، والصبر: حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أو كلاهما، فالصبر: لفظ عام، وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة، سُمي صبراً لا غير، ويُضاده الجزع، وإن كان في محاربة سُمي شجاعة، ويُضاده الجُبن، وإن كان في نائبة مضجرة، سُمي رحبَ الصدر، ويُضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سُمي كتماناً، ويُضاده المذلُ، وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبراً، ونبه عليه بقوله: (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَاسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَاسِ) [البقرة: ١٧٧]، يقالث: رجُلٌ مذلٌ، أي: باذل لما عنده من مال أو سر.


الصفحة التالية
Icon