لغتان. و (لَيْلًا) نصب على الظرف. فإن قلت: الإسراء لا يكون إلا بالليل، فما معنى ذكر الليل؟ قلت: أراد بقوله (لَيْلًا) بلفظ التنكير: تقليل مدّة الإسراء، وأنه أسرى به في بعض الليل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل في ذلك أن يُسبح الله عند رؤية العجيب من صنائعه، ثم كثُرَ حتى استعمل في كل متعجب منه.
قوله: (أراد بقوله: (لِيلاً) بلف التنكير: تقليل مُدة الإسراء، وأنه أسري به ﷺ في بعض الليل). قال صاحب "الفرائد": قوله: أراد بقوله: (لِيلاً) بلفظ التنكير تقليل المدة مسلمٌ، وأما قوله: "في بعض الليل"، فغيرُ مسلم؛ لأن (لِيلاً) يحتمل الكُل، لا يلزمُ البعضُ، فالبعضية بحسب العدد لا بحسب الجزء؛ ولأنه لو لم يذكر (لِيلاً) بعد الإسراء لم يُعلم مقدارُ الإسراء، لأنه يمكنُ أنه أسرى به ليالي، كقوله تعالى: (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي) [سبأ: ١٨].
ومن قال: إن ذكره للتأكيد ليس بشيء؛ لأنه لابد من ذكره، وقراءة عبد الله وحُذيفة لو كانت بدون لام التعريف، أعني: بعض ليل، لكانت شاهدة لذلك؛ لأن بعض الليل يُمكنُ أن يكون المراد به بعض الليالي، فيكون الذي أسرى به ليلاً. وأجيب أن الاسم الحامل لمعنى التنكير محتمل لأن يكون المراد به شخصاً أو نوعاً، ويحتملُ أن يكون للتعظيم والتهويل، أو التكثير، أو التقليل، فهو إذا كاللفظ المشترك، وإنما يتبينُ معناه بقيام قرينة مبينة، فقوله: (لِيلاً) يحتملُ أحد هذه المعاني، وغنما يتعين بمقيد. ولا خلاف أن الإسراء لم يكن أكثر من ليلة، فجيء بليل وقلل ليدُل على أنها كانت في بعض من تلك الليلة المعلومة، على أن تصدير السورة بالكلمة الدالة على التعجب البليغ، مُنادٍ بحدوث أمر خارق للعادة وآية عظيمة لا يقدر عليها إلا الله عز وجل، وهي كما قال: "أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة". وكذا دلالة قراءة عبد الله وحُذيفة، وما ذهب إليه أن