بالتاء على النهي، يعني: قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلا يا (ذرية من حملنا مَعَ نُوحٍ) وقد يجعل (وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا) مفعولي (تتخذوا)، أي: لا تجعلوهم أربابًا كقوله: (وَلا يَامُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبابًا)] آل عمران: ٨٠ [ومن ذرية المحمولين مع نوح عيسى وعزير عليهم السلام. وقرئ: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا) بالرفع بدلا من واو (تَتَّخِذُوا) وقرأ زيد بن ثابت: (ذِرِّيَّة)، بكسر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: لا تجعلوهم أرباباً)، يريد أن في اختصاص هذا الوصف، وهو كونهم ذُرية المحمولين مع نوحٍ، وترتيب حكم النهي عن الإشراك على ذلك إشعاراً بأنهم لا يصلحون أن يكونوا أرباباً من دون الله؛ لأنهم عاجزون محصورون في ذات ألواح ودُسُرٍ، فكيف يصح أن تتخذوا وكيلاً من دون الله؟ !
قوله: (وقرئ: "ذرية من حملنا" بالرفع، بدلا من واو (تَتَّخِذُوا))، قال أبو البقاء: هذا على القراءة بالياء، لأنهم غُيَّب. قال صاحب "التخمير": إنما لم يجز إبدالُ المظهر من المضمر المتكلم والمخاطب؛ لأن ضمير المتكلم والمخاطب لا يكون لغير واحد، بخلاف ضمير الغيبة، والإبدال للتبيين، فيختص بموضع فيه احتمالٌ، فلذا جاز: مررت به زيد، ولم يجز: مر بي المسكين، ولا عليك الكريم.
فإن قلت: فما تقولُ في قول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو) [الأحزاب: ٢١] فقد أُبدلَ فيه الغائبُ من المخاطب؟ قلتُ: لأن الخطاب ليس لقوم بأعيانهم، فنزلوا منزلة الغائب؛ لأن المعنى: لقد كان للناس فيهم أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله.
وذكر الركسي: أن الكوفيين والأخفش أجازوا إبدال المُظهر من المضمر الحاضر