من جملة الجوس المسند إليهم. وقرأ طلحة «فحاسوا» بالحاء. وقرئ: فَحَوّسُوا. وخلل الديار. فإن قلت:
ما معنى (وَعْدُ أُولاهُما)؟ قلت: معناه: وعد عقاب أولاهما. (وَكانَ وَعْدًا مَفْعُولًا) يعنى: وكان وعد العقاب وعدا لا بد أن يفعل. (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) أي: الدولة والغلبة على الذين بعثوا عليكم حين تبتم ورجعتم عن الفساد والعلو. قيل: هي قتل بختنصر واستنقاذ بني إسرائيل أسراهم وأموالهم ورجوع الملك إليهم، وقيل: هي قتل داود جالوت. (أَكْثَرَ نَفِيرًا) مما كنتم. والنفير، من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع نفر كالعبيد والمعيز.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرأ طلحة: "فحاسُوا")، قال ابنُ جني: قال أبو زيد أو غيره، قلتُ له: إنما هو فجاسوا بالجيم، قال: جاسوا وحاسوا واحدٌ، وهذا يدل على أن بعض القراء يتخير بلا رواية، ولذلك نظائر.
قوله: (وقرئ "فحوسوا")، في "الموضح": "حوسوا" بالحاء غير المعجمة مشدد الواو. الراغب: (فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ)، أي: توسطوها وترددوا بينها، ويُقارب ذلك "جاسوا" و"داسوا"، وقيل: الجوسُ: طلب ذلك الشيء باستقصاء، والخللُ: فرجةٌ بين الشيئين، وجمعه خلال، نحو: خلال الديار والسحاب والرماد، قال تعالى: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [الروم: ٤٨]، وعن بعضهم: خللٌ إما مُفرد جمعه: خلالٌ، كجبل، وإما بمعنى الخلال، والخلال حينئذ مفرد.
قوله: (واستنقاذ بني إسرائيل أسراهم)، قال القاضي: وذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن أسفنديار لما ورث مُلك كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم، فرد أسراهم إلى الشام وملك دانيال عليهم، فاستولوا على من كان فيها من اتباع بخت نصر، والله أعلم بحقيقة ذلك.


الصفحة التالية
Icon