وقيل: هو من يريد الدنيا بعمل الآخرة، كالمنافق، والمرائي، والمهاجر للدنيا، والمجاهد للغنيمة والذكر، كما قال ﷺ «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه (مَدْحُورًا) مطروداً من رحمة الله (سَعْيَها) حقها من السعي وكفاءها من الأعمال الصالحة. اشترط ثلاث شرائط في كون السعي مشكوراً: إرادة الآخرة بأن يعقد بها همه ويتجافى عن دار الغرور، والسعي فيما كلف من الفعل والترك، والإيمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فمن كانت هجرته إلى الله)، الحديث مشهور، أخرجه الأئمة، وهو من باب قولهم: من أدرك الصمان فقد أدرك.
قوله: ((مَدْحُوراً): مطروداً)، الراغب: الدحرُ: الطرد والإبعاد، يقال: دحره دحوراً، قال تعالى: (فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) [الإسراء: ٣٩]، وقال: (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) [الصافات: ٩]، ولم يذكر الدحر في "الصحاح".
قوله: (ويتجافى عن دار الغرور)، مقتبس مما روى المفسرون، أنه ﷺ سُئل: ما علامة شرح الصدر؟ قال: "التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود".
قوله: (والسعي فيما كُلف من الفعل والترك)، استفاده من إقران الإيمان بالسعي ليكون على وزان قوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) [العصر: ٣] والظاهر أن المراد من قوله: (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ): السعي المختص بها، وما يُنسب إليها، وعرف أن ذلك السعي ما هو، وهو قمع الهوى وترك زينة الدنيا ومراقبة الأحوال بين يدي المولى، كما قال