يعني: فتصير جامعا على نفسك الذم وما يتبعه من الهلاك من إلهك، والخذلان والعجز عن النصرة ممن جعلته شريكاً له.
[(وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا)].
(وَقَضى رَبُّكَ) وأمر أمرًا مقطوعا به (أَلَّا تَعْبُدُوا) أن مفسرة ولا تعبدوا نهى. أو بأن لا تعبدوا (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا) وأحسنوا بالوالدين إحساناً. أو بأن تحسنوا بالوالدين إحسانا وقرئ: (وأوصى) وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ووصى. وعن بعض ولد معاذ بن جبل: (وقضاء ربك). ولا يجوز أن يتعلق الباء في بالوالدين بالإحسان، لأن المصدر لا يتقدّم عليه صلته (إِمَّا) هي «إن»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (جامعاً على نفسك الذم وما يتبعه من الهلاك من إلهك)، يعني: أن المشرك قد ذمه الله، ومن ذمه الله يهلكه، وما يتبعه تفسير الذم. الخذلان: عطفٌ على الذم وإنما دل على الجمع إيقاع (مَذْمُوماً مَخْذُولاً) خبراً بعد خبر لقوله: (فَتَقْعُدَ). قال القاضي: ومفهومه أن الموحد يكون ممدوحاً منصوراً.
قوله: ((وَقَضَى رَبُّكَ)، وأمر أمراً مقطوعاً به)، ضمن "قضى" معنى الأمر؛ ليكون جامعاً للمعنيين: الأمر والقضاء الذي هو القطع، ولذلك كان "أن" في قوله: (أَلاَّ تَعْبُدُوا) مفسرة، وكأن النهي في معنى الأمر، أي: اعبدوا، ليناسب عطف "وأحسنوا" عليه، وسبق في "الأنعام" عند قوله: (أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ) [الأنعام ١٥١] الآية، ما يقرب من هذا العطف.
قوله: (أو: بأن تُحسنوا بالوالدين إحسانا)، هذا على أن تكون "أنْ" موصولة لا مفسرة، ففيه لف ونشر.