منزلتهم، والعجب من المجبرة كيف عكسوا في كل شيء وكابروا، حتى جسرتهم عادة المكابرة على العظيمة التي هي تفضيل الإنسان على الملك، وذلك بعد ما سمعوا تفخيم الله أمرهم وتكثيره مع التعظيم ذكرهم، وعلموا أين أسكنهم، وأنى قربهم، وكيف نزلهم من أنبيائه منزلة أنبيائه من أممهم، ثم جرّهم فرط التعصب عليهم إلى أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي: أنا ذلك المشهور الموصوف بالكمال، وشعري هو الموصوف المشهور بالبلاغة.
قوله: (وتكثيره مع التعظيم ذكرهم)، أي: تكثير الله ذكرهم مع التعظيم في كتابه، "مع التعظيم" حالٌ من الفاعل والمفعول.
قال صاحب "التقريب": ولقد تشنع هاهنا حتى أفحش، فالقول بتفضيل الملك احد قولي أهل السنة، ومذهب ابن عباس واختيار الزجاج، وأيضاً غايته التمسك بالمفهوم، وهو أن تخصيص الكثير يدل على أن القليل يضاد ذلك، واختلف في كونه حجة على أبي حنيفة رضي الله عنه يقول بالمفهوم، ثم المفهوم إنما يدل على أنه ليس مفضلاً على القليل، ولا يلزم منه مذهبه، وهو تفضيل القليل، فقد يستويان، ثم ليحتمل أن يُراد بـ (كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا): الملائكة، إذ هم كثيرٌ من العقلاء المخلوقين، فيكون بنو آدم أفضل منهم. وعلى الجملة فذلك التشنيع شنيع.