وتؤدة وتثبت. (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا) على حسب الحوادث.
[(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)].
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا): أمر بالإعراض عنهم واحتقارهم والازدراء بشأنهم، وأن لا يكترث بهم وبإيمانهم وبامتناعهم عنه، وأنهم إن لم يدخلوا في الإيمان ولم يصدّقوا بالقرآن وهم أهل جاهلية وشرك، فإن خيرا منهم وأفضل - وهم العلماء الذين قرءوا الكتب وعلموا ما الوحي وما الشرائع- قد آمنوا به وصدّقوه، وثبت عندهم أنه النبي العربي الموعود في كتبهم، فإذا تلي عليهم خرّوا سجدا وسبحوا الله تعظيما لأمره ولإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة وبشربه من بعثة محمد ﷺ وإنزال القرآن عليه، وهو المراد بالوعد في قوله: (إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا)، (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً): أي: يزيدهم القرآن لين قلب ورطوبة عين. فإن قلت: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) تعليل لماذا؟ قلت: يجوز أن يكون تعليلا لقوله: (آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) وأن يكون تعليلا لـ (قل) على سبيل التسلية لرسول الله ﷺ وتطييب نفسه، كأنه قيل: تسلّ عن إيمان الجهلة بإيمان العلماء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وتؤدة)، النهاية: يقال: اتأد في فعله: إذا تأنى وتثبت، ولم يعجل.
قوله: ((قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا))، أُمرَ بالإعراض عنهم، يعني: إنما يؤمر بهذا القول من أيس من إيمانه ولم تعتد بحاله، فكأنه قال له: اتركهم ولا تُبال بهم.
قوله: (تعظيماً لأمره، ولإنجازه ما وعد)، "لإنجازه" عطفٌ على "تعظيماً"، وهو مفعولٌ له: (خَرُّوا)، وإنما لم يأت باللام في الأول وأتى بها في الثاني، لأن الأول فعلٌ لفاعل الفعل المعلل، والثاني ليس كذلك.


الصفحة التالية
Icon