من عنده. وقرئ: (من لدنه) بسكون الدال مع إشمام الضمة وكسر النون، (وَيُبَشِّرَ) بالتخفيف والتثقيل. فإن قلت: لم اقتصر على أحد مفعولي (ينذر)؟ قلت: قد جعل المنذر به هو الغرض المسبوق إليه، فوجب الاقتصار عليه.
والدليل عليه تكرير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ "من لدنه")، أبو بكر يقرأ: "من لدنه" بإسكال الدال وإشمامها شيئاً من الضم، وبكسر النون والهاء، ويصل الهاء بياء. والباقون: بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء، وابن كثير على أصله: يصلها بواو.
قوله: ((وَيُبَشِّرُ) بالتخفيف والتثقيل)، بالتخفيف: حمزة والكسائي.
قوله: (قد جعل المنذر به هو الغرض)، اعلم أن الفعل المتعدي إلى مفعول واحد إذا لم ينو مفعوله بقي مطلقاً فيكون الغرض منه الإطلاق، كقولك: فلان يُعطي ويمنعُ، فالغرض: إيجاد حقيقتهما، والمتعدي إلى المفعولين إذا اقتصر على واحدٍ يجري ذلك الحكم على المذكور، فيكون هو الغرض لا المنسي.
قوله: (والدليل عليه)، أي: على أن المنذر به هو الغرض الذي سيق له الكلام: تكرير (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً) الآية، وجعلها قرينة لقوله: (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) الآية، وهو موجب لأن يُذكر فيها المنذر والمنذر به كما ذُكر في أختها المبشر والمبشر به، وإنما تُرك المنذر به في الثالثة للاكتفاء بما سيق له الكلام، ولو لم يكن أصلاً [و] ثابتاً في نفسه وأنه هو الغرض الأولى لم يستغن به عن ذكر مثله في القرنية الثالثة.
فإن قلت: لِمَ لم يُجعل قوله: (لِيُنذِرَ بَاساً شَدِيداً) قرينة لقوله: ((وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً)؟ فيُقدر المنذرُ فيه، وتترك القرينة الثالثة على إطلاقها ليكون الغرض في الإيراد ذكر المنذرين؟


الصفحة التالية
Icon