ما به كان زينة: من إماتة الحيوان، وتجفيف النبات والأشجار، ونحو ذلك. ذكر من الآيات الكلية تزيين الأرض بما خلق فوقها من الأجناس التي لا حصر لها وإزالة ذلك كله كأن لم يكن، ثم قال: (أَمْ حَسِبْتَ) يعنى: أن ذلك أعظم من قصة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما به كان زينةً)، أي: ما كانت الأرض مزينة به، أو: الذي كان ما على الأرض مزيناً به.
قوله: (من إماتة الحيوان)، بيانٌ لقوله: "'إزالة بهجته" أو "ما" في "ما به".
قوله: (ثم قال: (أَمْ حَسِبْتُ))، يعني: أن ذلك أعظمُ من قصة أصحاب الكهف، يعني: (أم): منقطعةٌ، والهمزة فيه للتعجب، يعني: يتعجب من قصة أصحاب الكهف ويتركُ ما سبق، والإنسانُ من عادته أن يتعجب من شيء قل إيناسه به، وإن كان الذي بحضرته أعجب منه، وتلخيص ما ذكره الإمام في هذا المعنى هو: أنه تعالى لما قال: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا) أي: أخرجنا أنواع زخارف الأرض وزينتها، كما قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ) [يونس: ٢٤]، وأصناف المنافع الفائتة للحصر على طبائع مُتباعدة، وهيئاتٍ متخالفةٍ، من مادة واحدة، ابتلاء لبني آدم، قال بعده: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) أي: أحسبت أن أحوالهم كانت أعجب من آياتنا؟ فلا تحسبن ذلك، فإن آياتنا كلها أعجب، فإن من كان قادراً على خلق السماوات والأرض، ثم تزيين الأرض بأنواع المعادن والنبات والحيوان، ثم تقليبها (صَعِيداً جُرُزاً) كيف يُستبعد من قدرته ورحمته حفظُ طائفةٍ في النوم سنين متطاولة؟
وقال محيي السُّنة: (أَمْ حَسِبْتَ): أظننت يا محمد (أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً)، أي: هم عجبٌ من آياتنا. وقيل: معناه: ليسوا بأعجب من آياتنا، فإن ما خلقتُ من السماوات والأرض وما فيهن أعجبُ منهم.


الصفحة التالية
Icon