لبثهم. فإن قلت: فما تقول فيمن جعله من (أفعل) التفضيل؟ قلت: ليس بالوجه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه على الأصابع. قال تعالى: (وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [الجن: ٢٨]، أي حصله وأحاط به. وفي الحديث: "من أحصاها دخل الجنة"، وفيه: "نفسٌ تنجيها خيرٌ لك من إمارة لا تحصيها"، وفيه: "استقيموا ولن تحصوا"، أي: لن تحصلوا ذلك، ووجه تعذر إحصائه وتحصيله: هو أن الحق واحدٌ والباطل كثيرٌ، بل الحق بالإضافة إلى الباطل كالنقطة بالإضافة إلى سائر أجزاء الدائرة، وكالمرمى من الهدف، فإصابة ذلك شديد.
وقال أبو البقاء: (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ): مبتدأ، والخبر: (أَحْصَى)، و (أَمَداً): مفعوله: و (لِمَا لَبِثُوا): نعتٌ له، قُدم فصار حالاً أو مفعولاً له، أي: لأجل لُبثهم.
قوله: (فما تقول فيمن جعله من "أفعل" التفضيل؟ )، هذا السؤال وجوابه إشارة على ما ذهب إليه الزجاج في "تفسيره"، وما أورد عليه أبو علي في "الإغفال". قال الزجاج: الأمد: الغاية، وهو منصوبٌ، إما على التمييز أو على أنه مفعول (أَحْصَى)، كأنه قيل: لنعلَمَ أهؤلاءِ أحصى للأمد أو هؤلاء؟ أو يكون منصوباً بـ (لَبِثُوا)، و (لِمَا): متعلق بـ (أَحْصَى). المعنى: أي الحزبين أحصى للُبثهم في الأمد. وقال أبو علي: الحمل على التمييز عندي غير مستقيم؛ لأن (أَحْصَى) لا يجوز أن يكون أفعل التفضيل لأمرين، أحدهما: أن أفعل يفعل لا يُبنى منه أفْعِلْ من كذا. وأما قولهم: ما أولاه للخير وما أعطاه للدرهم! فمن الشاذ النادر الذي لا يُقاس عليه.


الصفحة التالية
Icon