(مَسْجِداً) يصلي فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم. وقيل: إذ يتنازعون بينهم أمرهم أي: يتذاكر الناس بينهم أمر أصحاب الكهف، ويتكلمون في قصتهم وما أظهر الله من الآية فيهم. أو يتنازعون بينهم تدبير أمرهم حين توفوا، كيف يخفون مكانهم؟ وكيف يسدّون الطريق إليهم، فقالوا: ابنوا على باب كهفهم بنيانا. روى أن أهل الإنجيل عظمت فيهم الخطايا وطغت ملوكهم حتى عبدوا الأصنام وأكرهوا على عبادتها، وممن شدد في ذلك دقيانوس، فأراد فتية من أشراف قومه على الشرك وتوعدهم بالقتل، فأبوا إلا الثبات على الإيمان والتصلب فيه، ثم هربوا إلى الكهف ومرّوا بكلب فتبعهم فطردوه، فأنطقه الله فقال: ما تريدون منى، أنا أحبّ أحباء الله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنازعوا في أمر دينهم، وعرفوا حقيقة الحال، فمن غالب صاحبه في النزاع، وأن البعث لابد منه، هو أولى من الآخر في اتخذا المسجد، وإيثار مكان أصحاب الكهف لتعبده.
الأساس: تغالبوا على البلد، وغلبته على الشيء: أخذته منه، و"أيغلب أحدكم أن يُصاحب الناس معروفاً؟ " بمعنى: أيعجز.
قوله: (وقيل: (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ))، اعلم أن الأمر في قوله تعالى: (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) هو الأمر من واحد الأمور والشؤون، ثم لا يخلو الضمير المضاف إليه: غما أن يكون للقوم فيُقدر مضافٌ آخر؛ ليكون الحديث في تدبير أمر دينهم، وهو المراد من قوله: (يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ) أمر دينهم، فالفاء في قوله: (فَقَالُوا): فصيحةٌ، فإن القوم لما فرغوا من أمر حقيقة البعث، وتيقنوا أن لابد منه، فآمنوا، ثم اهتموا بشأن أولئك الأصحاب، وتشاوروا فيه فقالوا: (ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً) كما سبق.
أو الضميرُ لأصحاب الكهف، فالكلام حينئذ من ابتدائه في شأنهم، وهو: إما في كون


الصفحة التالية
Icon