حين وقعت الواو انقطعت العدّة، أي: لم يبق بعدها عدّة عادّ يلتفت إليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: "حين وقعت الواو انقطعت العدة"، الظاهر أن مراده منه أن الذي هو صدق، هو الذي وقعت الواو فيه وانقطعت العدة به.
فظهر من هذا أن الواو في (وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ): واو العطف، وهي جملة معطوفة على الجملة المتقدمة.
قلتُ- وبالله التوفيق-: واعلم أنا قبل الشروع في الجواب لابد أن نبين المقصود تحريراً للبحث، فالواو هاهنا ليست على الحقيقة، ولا يعتبر في المجاز النقل في الآحاد كما في الحقيقة، بل المعتبر فيه اعتبار نوع العلاقة، وأن المجاز في عرف البلاغة أولى بالذكر من الحقيقة، وأبلغ منها واحسن لتزيين الكلام والمبالغة فيه، ألا ترى إلى قول المصنف بُعيد هذا: "لأن ما كان فيه من آفة الجهل وسقم الفهم أراه أعلى الكلام طبقة أدناه منزلة"، فتمحل ليرده إلى ما هو عنده أصح وأفصح - وعنده أن ما كان أبعد من المجاز كان أدخل في الإعجاز، إلى آخره- وإلى كلام صاحب "المثل السائر": اعلم أن أقسام النحو أخذت عن واضعها بالتقليد، حتى لو عكس القضية فيها لجاز؛ لأن العقل لا يأبى أن لو جعل الفاعل منصوباً والمفعول مرفوعاً، وأما قسم البيان فليس كذلك؛ لأنه استنبط بالنظر وقضية العقل من غير واضع، ولم يُفتقر فيه إلى التوقيف، بل أخذت ألفاظٌ ومعان، على هيئة مخصوصة وحكم لها العقل بمزية من الحسن لا يشاركها فيها غيرها، فإن كل عارفٍ بأسرار الكلام أي لغة كانت، يعلم أن إخراج المعاني في ألفاظ جامعة رائقة حسنة يلذها السمع ولا ينبو عنها الطبع خيرٌ من عكسه، ولو أراد واضع اللغة خلاف ذلك لما تقلدناه.


الصفحة التالية
Icon