وعند عامة الفقهاء أنه لا أثر له في الأحكام ما لم يكن موصولا. ويحكى أنه بلغ المنصور أن أبا حنيفة خالف ابن عباس رضي الله عنه في الاستثناء المنفصل، فاستحضره لينكر عليه: فقال أبو حنيفة: هذا يرجع عليك، إنك تأخذ البيعة بالأيمان، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك؟ فاستحسن كلامه ورضي عنه.
ويجوز أن يكون المعنى: واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعند عامة الفقهاء: أنه لا أثر له في الأحكام ما لم يكن موصولاً). قال القاضي: "لأنه لو صح ذلك لم يقرر إقرارٌ ولا طلاقٌ ولا عتاق، ولم يُعلم صدقٌ ولا كذب، وليس في الآية أن الاستثناء المتدارك به من القول السابق، بل هو مقدرٌ مدلولٌ به عليه" مثل أن يقول: أفعلُ إن شاء الله، أي: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً) إلا أن تقول: أفعلُ إن شاء الله.
قوله: (إنك تأخذ البيعة بالأيمان، أفترضى أن يخرجوا عن عندك فيستثنوا؟ )، الانتصاف: ظاهر الآية الأمر بتدارك المشيئة عند التذكار ولو بعد طول، وأما حلها لليمين حينئذ، فلا دليل للآية عليه.
وقلت: مسألة البيعة واليمين جاءت رادة لمن قاس الاستثناء في الأحكام على مسألة التدارك بالتذكار في نسيان ذكر الله في الأمور وصورة المبايعة بأن يقول: أبايعك على السمع والطاعة، ثم يؤكدها باليمين، بأن يقول: والله لا أخرج من هذه البيعة، ثم يخرج ويستثني إلا زمان كذا، ويوم كذا، ولأمر ذا، أو أوان يفعلُ كذا.


الصفحة التالية
Icon