بمدّة لبثهم، والحق ما أخبرك الله به. وعن قتادة: أنه حكاية لكلام أهل الكتاب. و (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ) رد عليهم. وقال في حرف عبد الله: (وقالوا لبثوا). و (سنين): عطف بيانٍ لـ (ثلث مائة).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأعلم أنه أعلمُ بذلك، وكان هذا أبلغ من أن يُقال: الصحيح أنهم قد لبثوا هذا العدد كله.
قوله (و (سِنِينَ) عطفُ بيان لـ (ثَلاثَ مِائَةٍ))، قال الزجاج: (سِنِينَ) جائز أن يكون نصباً وأن يكون جراً، فالنصب على معنى: ولبثوا في كهفهم سنين ثلاث مئة، عطف "سنين" على "ثلاثٍ" عطف البيان والتوكيد، والجر على أن يكون نعتاً للمئة، وهو بالغ في المعنى إلى ثلاث، كما قال:

فيها اثنتان وأربعون حلوبة سوداً كخافية الغُراب الأسحم
جعل "سُوداً" نعتاً لـ "حلوبة"، وهو في المعنى نعتٌ لجملة العدد، هكذا في "تفسيره"، ونقل المصنف عنه في "المفصل" أنه قال: لو انتصب (سِنِينَ) على التمييز لوجب أن يكونوا قد لبثوا تسع مئة سنة. قال ابن الحاجب: وجهه أنه قد فُهم من لغتهم أن تمييز المئة واحدٌ من مئة، فإذا قلت: مئة رجل فمميزها رجل، وهو واحدٌ من المئة، فعلى هذا لو قلت: مئة سنين، فيكون السنين واحدة من المئة، وهي ثلاث مئة، وأقل السنين ثلاثة، فيجب أن يكون تسع مئة، وهذا الذي ذكره يرد: على قراءة حمزة والكسائي، إذ ليس لقراءتهما وجهٌ سوى التمييز.
وهذا غير لازم، لأن الذي ذكره مخصوصٌ بأن يكون المميز مفرداً، وأما إذا كان جمعاً فيكون القصد فيه كالقصد في وقوع التمييز جمعاً في نحو ثلاثة أثواب، على أن الأصل في


الصفحة التالية
Icon