أن أمره في الإدراك خارج عن حدّ ما عليه إدراك السامعين والمبصرين، لأنه يدرك ألطف الأشياء وأصغرها، كما يذرك أكبرها حجما وأكثفها جرما، ويدرك البواطن كما يدرك الظواهر (ما لَهُمْ) الضمير لأهل السموات والأرض (مِنْ وَلِيٍّ) من متول لأمورهم (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ) في قضائه (أَحَداً) منهم. وقرأ الحسن: (ولا تشرك)، بالتاء والجزم على النهى.
[(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً)].
كانوا يقولون له: (ائت بقرآن غير هذا أو بدله) [يونس: ١٥]، فقيل له (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ) من القرآن، ولا تسمع لما يهذون به من طلب التبديل، فلا مبدل لكلمات ربك، أى: لا يقدر أحد على تبديلها وتغييرها، إنما يقدر على ذلك هو وحده، (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) [النحل: ١٠١]. (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) ملتجأ تعدل إليه إن هممت بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أكل امرئ تحسبين امرأ | ونارٍ توقد بالليل نارا |
الراغب: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته، ولا يقال فيه: ما أبصره وما أسمعه؛ لأن الله تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع. وقدر أبو البقاء: أوقع أيها المخاطب إبصاراً بأمر الكهف، فهو أمرٌ حقيقة والفاعل مضمرٌ.
قوله: (وإنما يقدر على ذلك هو وحده)، أو: (إِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ)