العلل فلم يبق إلا اختياركم لأنفسكم ما شئتم من الأخذ في طريق النجاة أو في طريق الهلاك. وجيء بلفظ الأمر والتخيير، لأنه لما مكن من اختيار أيهما شاء، فكأنه مخير مأمور بأن يتخير ما شاء من النجدين. شبه ما يحيط بهم من النار بالسرادق، وهو الحجرة التي تكون حول الفسطاط، وبيت مسردق: ذو سرادق وقيل: هو دخان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعده ما لكل فريق من مؤمن وكافر، فقال: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً) الآيات، فظهر أن قوله: " (جَاءَ الْحَقُّ)، وزاحت العللُ" تحرير للمعنى وتلخيصٌ له. والله أعلم.
قوله: (وجيء بلفظ الأمر والتخيير؛ لأنه لما مُكن من اختيار أيهما شاء فكأنه مخيرٌ مأمورٌ بأن يتخير ما شاء من النجدين)، قال القاضي: وهو لا يقتضي استقلال العبد بفعله، فإنه وإن كان بمشيئته فمشيئته ليست بمشيئة. المعنى: لا أبالي بإيمان من آمن وكُفر من كفر. وقال الزجاج: هذا الكلامُ ليس بأمرٍ لهم، ما فعلوهُ منه فهم فيه مُطيعون ولكنه كلامٌ فيه وعيدٌ وإنذارٌ.
قوله: (بالسرادق، وهو الحجزة). الراغب: فارسيٌّ معربٌ، وليس في كلامهم اسمٌ مفردُ ثالثه ألفٌ وبعده حرفان، قال تعالى: (أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا)، وقيل: مُسردقٌ: مجعول على هيئة السرادق.