(أَساوِرَ) لإبهام أمرها في الحسن. وجمع بين السندس: وهو ما رقّ من الديباج، وبين الإستبرق: وهو الغليظ منه، جمعا بين النوعين. وخص الاتكاء، لأنه هيئة المنعمين والملوك على أسرتهم.
[(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً* كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً* وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)].
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ) أي ومثل حال الكافرين والمؤمنين، بحال رجلين وكانا أخوين في بني إسرائيل: أحدهما كافر اسمه قطروس، والآخر مؤمن اسمه يهوذا. وقيل: هما المذكوران في سورة (والصافات) في قوله قالَ: (قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) [الصافات: ٥١]، ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار، فتشاطراها. فاشترى الكافر أرضا بألف، فقال المؤمن: اللهم إن أخي اشترى أرضا بألف دينار، وأنا أشترى منك أرضا في الجنة بألف، فتصدّق به. ثم بنى أخوه دارًا بألف، فقال: اللهم إني أشترى منك دارا في الجنة بألف فتصدّق به. ثم تزوّج أخوه امرأة بألف، فقال: اللهم إني جعلت ألفا صداقا للحور. ثم اشترى أخوه خدما ومتاعا بألف، فقال: اللهم إني اشتريت منك الولدان المخلدين بألف، فتصدّق به ثم أصابته حاجة، فجلس لأخيه على طريقه فمرّ به في حشمه، فتعرّض له، فطرده ووبخه على التصدّق بماله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((أَسَاوِرَ). الراغب: سوار المرأة: مُعربٌ، وأصله دستواره، وكيف ما كان فقد استعمله العربُ، واشتق منه: سورت الجارية، قال تعالى: (فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) [الزخرف: ٥٣]، وقال تعالى: (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان: ٢١]، واستعمال أسورة في الذهب وتخصيصها بقوله: (أُلْقِيَ)، واستعمالها في الفضة وتخصيصها به بقوله: "حُلوا" فائدةٌ، فليُتأمل.


الصفحة التالية
Icon