النون وطرح أنا. وقرأ أبيّ بن كعب: لكن أنا على الأصل. وفي قراءة عبد الله: لكن أنا لا إله إلا هو ربى. فإن قلت: هو استدراك لماذا؟ قلت: لقوله أَكَفَرْتَ قال لأخيه: أنت كافر بالله، لكنى مؤمن موحد، كما تقول: زيد غائب، لكن عمرا حاضر.
[(وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً* فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً* أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً)].
(ما شاءَ اللَّهُ) يجوز أن تكون (ما) موصولة مرفوعة المحل على أنها خبر مبتدأٍ محذوف، تقديره: الأمر ما شاء الله. أو شرطية منصوبة الموضع والجزاء محذوف، بمعنى: أي شيء شاء الله كان. ونظيرها في حذف الجواب (لَوْ) في قوله: (وَلَوْ أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضمير الشأن، والجملة بعده: خبرٌ عنه.
قوله: (أنت كافرٌ بالله، لكني مؤمنٌ موحدٌ)، هذا تلخيص الكلامين المتغايرين لتصحيح إدخال "لكنْ" بينهما، وأما اعتبار مفردات التركيب فمفوض إلى الذهن، فقوله: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) مقابل لقوله: (هُوَ اللَّهُ رَبِّي)، وقوله: (أَكَفَرْتَ) مقابل لقوله: (وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) دل هذا على التوحيد الصرف والإخلاص التام.
قوله: (أو شرطية منصوبة الموضع). قال أبو البقاء: هي شرطية في موضع نصب بـ (شَاءَ)، والجواب محذوف، أي: ما شاء الله كان.
قوله: (ونظيرُها)، أي: نظيرُ "ما" الشرطية في حذف الجواب: لفظةٌ "لو" في تلك الآية، فـ"نظيرُها": مبتدأٌ، والخبرُ: "لو".