عُرُوشِها) يعني أنّ كرومها المعرشة سقطت عروشها على الأرض، وسقطت فوقها الكروم. قيل: أرسل الله عليها نارا فأكلتها (يا لَيْتَنِي) تذكر موعظة أخيه فعلم أنه أتى من جهة شركه وطغيانه، فتمنى لو لم يكن مشركا حتى لا يهلك الله بستانه. ويجوز أن يكون توبة من الشرك، وندما على ما كان منه، ودخولا في الإيمان. وقرئ: (وَلَمْ تَكُنْ) بالياء والتاء، وحمل (يَنْصُرُونَهُ) على المعنى دون اللفظ، كقوله: (فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ) [آل عمران: ١٣]. فإن قلت: ما معنى قوله (يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ)؟ قلت: معناه يقدرون على نصرته من دون الله، أي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: (وَلَمْ تَكُنْ) بالياء والتاء)، حمزة والكسائي: بالياء التحتاني، والباقون: بالتاء.
قوله: (وحُمل (يَنصُرُونَهُ) على المعنى)؛ لأن الفئة ناسٌ وجماعة، ولو كان (تَنصُرُونَهُ) بالتاء الفوقانية لكان حملاً على اللفظ، والاستشهاد بقوله: (فِئَةٌ تُقَاتِلُ) [آل عمران: ١٣] بالتاء الفوقانية، لأجل الحمل على اللفظ.
قوله: (معناه: يقدرون على نُصرته)، قال صاحب "الفرائد": "وضعُ "يَنصُرونَ" موضع "يقدرون": وضعُ الملزوم موضع اللازم، وهو من باب المجاز، وتركُ الحقيقة إلى المجاز لا يجوز إلا بقرينة، وهي هاهنا: (مِنْ دُونِ اللَّهِ)؛ لأن حاصل (مِنْ دُونِ اللَّهِ): إلا الله، فكأنه قيل: لا ينصره أحد إلا الله، وهو كقولك: لم ينصرني أحدٌ من دون زيد، يُفهم منه أن زيداً ينصرك، ولما لم ينصره الله عثلم أن المراد من النصرة القدرة عليه.
وقلتُ: نظيره قوله تعالى: (إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء: ١٠٤] أي: قادرين، وقوله: (فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) [النحل: ٩٨]، أي: إذا اردت القراءة فاستعذ؛ لأن الفعل يوجدُ بقدرة الفاعل تارة وأخرى بإرادته، فهو من إطلاق المسبب على السبب.