وقرئ: تذروه الريح. وعن ابن عباس: تذريه الرياح، من أذرى: شبه حال الدنيا في نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء، بحال النبات يكون أخضر وارفاً ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن (وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الإنشاء والإفناء (مُقْتَدِراً).
[(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)].
(والْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) أعمال الخير التي تبقى ثمرتها للإنسان وتفنى عنه كل ما تطمح إليه نفسه من حظوظ الدنيا. وقيل هي الصلوات الخمس،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو مختلفين، وهو أعمُّ من المزج، ويقالُ: اختلط الشيءُ، قال تعالى: (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ) [يونس: ٢٤]. ويقالُ للصديق والمجاور والشريك: خليطٌ، والخليطُ يقالُ للواحد والجمع، ويقالُ: أخلط فلانٌ في كلامه: إذا كان ذا تخليط فيه، وأخلط الفرس في جريه: كذلك، وهو كنايةٌ عن تقصيره فيه.
قوله: (وقرئ: "تذروه الريحُ"): حمزة والكسائي مفرداً.
قوله: (وارفاً). الأساس: ورف النباتُ وريفاً، فهو وارفٌ: له بهجة من الري.
قوله: (ثم يهيج). الجوهري: هاج النبتُ هياجاً، أي: يبس.
قوله: (وتفنى عنهُ كل ما تطمح إليه)، قيل: هو حالٌ، والظاهر العطف على "تبقى" لمجيء الواو في المضارع المثبت، أي: تبقى ثمرتها له، ويفنى عندها عنه كل ما يطمح إليه، كأنه عرف "الباقيات" بالصفة الكاشفة، أي: هي أعمال يبقى ثوابها للإنسان بعد فناء كل ما رجا منه الحظوظ؛ لأن البقية تقتضي ما يفضلُ عنه، كقوله تعالى: (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ)