تتخذونه (وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) وتستبدلونهم بي، بئس البدل من الله إبليس لمن استبدله، فأطاعه بدل طاعته (ما أَشْهَدْتُهُمْ) وقرئ: (ما أشهدناهم)، يعنى: أنكم اتخذتموهم شركاء لي في العبادة، وإنما كانوا يكونون شركاء
فيها لو كانوا شركاء في الإلهية، فنفى مشاركتهم في الإلهية بقوله ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لأعتضد بهم في خلقها (وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء: ٢٩]. وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ بمعنى وما كنت متخذهم عَضُداً أي أعوانا، فوضع المضلين موضع الضمير ذمّا لهم بالإضلال، فإذا لم يكونوا عضدا لي في الخلق، فما لكم تتخذونهم شركاء لي في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وإنما كانوا يكونون)، عن بعضهم: التقدير إنما يصح كما تبين، والظاهر أن قوله: "يكونون" مزيدةٌ، كما في قول الفرزدق.
وجيرانٍ لنا - كانوا - كرامِ
ويؤيده إسقاطه في بعض النسخ.
قوله: ((عَضُداً) أي: أعواناً). الراغب: العضدُ: ما بين المرفق إلى الكتف، وعضدته: أصبت عضده، وعنه استعير: عضدت الشجر بالمعضد، ويُستعار العضد للمعين كاليد، قال تعالى: (وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).
قوله: (فإذا لم يكونوا عضدا لي في الخلق، فما لكم تتخذونهم شركاء؟ ) إشارة إلى تحقيق ما أنكر عليهم أولاً بقوله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي)؛ وذلك أنه تعالى لماعقب امتناع إبليس عن سجدة آدم- لعصيانه وفسقه- إنكار اتخاذه ولياً من دون الله استبعاداً، أراد أن يُقدر هذا الاستبعاد بوجهٍ برهاني، وقال: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) يعني: إنما كانوا شركاء لي أن لو كانوا شركاء فيما يصح به اسم الإلهية،


الصفحة التالية
Icon