[(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً)].
(لِيُدْحِضُوا) ليزيلوا ويبطلوا، من إدحاض القدم وهو إزلاقها وإزالتها عن، موطئها وَما أُنْذِرُوا يجوز أن تكون ما موصولة، ويكون الراجع من الصلة محذوفا، أي: وما أنذروه من العذاب. أو مصدرية بمعنى: وإنذارهم. وقرئ: هزأ، بالسكون، أى: اتخذوها موضع استهزاء. وجدالهم: قولهم للرسل: (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) [المؤمنون: ٢٤] وما أشبه ذلك.
[(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً)].
(بِآياتِ رَبِّهِ) بالقرآن، ولذلك رجع إليها الضمير مذكرا في قوله: (أَنْ يَفْقَهُوهُ). فَأَعْرَضَ عَنْها فلم يتذكر حين ذكر ولم يتدبر (وَنَسِيَ) عاقبة (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) من الكفر والمعاصي، غير مفكر فيها ولا ناظر في أنّ المسيء والمحسن لا بد لهما من جزاء. ثم علل إعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم، وجمع بعد الإفراد حملاً على لفظ من ومعناه (فَلَنْ يَهْتَدُوا) فلا يكون منهم اهتداء البتة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله (من إدحاض القدم)، الأساس: ومن المجاز: دحضت حجته، و (حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ) [الشورى: ٦١].
الراغب: يقالُ: أدحضتُ فلاناً في حجته فدحض، وأدحضت حُجته فدحضت، وأصلُه من دحضِ الرجلِ، وعلى نحوه في وصف المناظرة:
نظرا يُزيلُ مواقع الأقدامِ