منها وتكتسبون بإكراء الإبل وتبيعون نتاجها وألبانها وجلودها.
[(وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)].
منّ الله بالتجمل بها كما منّ بالانتفاع بها، لأنه من أغراض أصحاب المواشي، بل هو من معاظمها، لأنّ الرعيان إذا روّحوها بالعشي وسرحوها بالغداة - فزينت بإراحتها وتسريحها الأفنية وتجاوب فيها الثغاء والرغاء - أنست أهلها وفرحت أربابها،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من الله تعالى بالتجمل بها)، الراغب: الجمال: الحسنُ الكثير، وذلك ضربان، أحدهما: جمال يختص به الإنسان في نفسه أو بدنه أو فعله، والثاني: ما يصل به منه إلى غيره، وعلى هذا الوجه ما روى: "إن الله جميل يحب الجمال"، تنبيهاً أنه منه تفيض الخيرات الكثيرة، فيحب من يختص بذلك، يقال: جاملت فلاناً وأجملت في ذا، والجمل يقال: للبعير إذا بزل، والجاملُ: قطعة من الإبل معها راعيها، وتسمية الجمل بذلك، يجوز أن يكون لما قد أشار إليه بقوله: (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ)؛ لأنهم كان يعدون ذلك جمالاً لهم.
قوله: (وسرحوها بالغداة)، الراغب: السرح: شجر له ثمرة، الواحدة سرحة، وسرحت الإبل: إذا أرسلت أن ترعاه السرح، ثم جُعل لكل إرسال في الرعي، قال تعالى: (حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)، والسارح: الراعي، والتسريح في الطلاق: مستعار من تسريح الإبل، كالطلاق في كونه مستعاراً من إطلاق الإبل.
قوله: (الثغاء والرغاء)، الجوهري: الرغاء: صوت ذوات الخف، وقد رغا البعير يرغو رُغاء: إذا ضج، والثغاء: صوت الشاة والمعز وما شاكلها، وفي قوله: "وتجاوب فيه الثغاء والرغاء" معنى قول أبي العلاء:


الصفحة التالية
Icon