بأن علل خلقها بالركوب والزينة، ولم يذكر الأكل بعد ما ذكره في الأنعام. فإن قلت: لم انتصب (وَزِينَةً)؟ قلت: لأنه مفعول له، وهو معطوف على محل (لتركبوها). فإن قلت: فهلا ورد المعطوف والمعطوف عليه على سنن واحد؟ قلت: لأنّ الركوب فعل المخاطبين، وأما الزينة ففعل الزائن وهو الخالق. وقرئ: (لتركبوها زينة)، بغير واو، أي: وخلقها زينة لتركبوها. أو تجعل (زينة) حالا منها، أي: وخلقها لتركبوها وهي زينة وجمال (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) يجوز أن يريد به: ما يخلق فينا ولنا مما لا نعلم كنهه وتفاصيله ويمنّ علينا بذكره كما منّ بالأشياء المعلومة مع الدلالة على قدرته. ويجوز أن يخبرنا بأن له من الخلائق ما لا علم لنا به، ليزيدنا دلالة على اقتداره
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما ذكره في الأنعام)، أي: في شأن الأنعام، وهو قوله تعالى: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَاكُلُونَ).
قوله: (وأما الزينة ففعل الزائن، وهو الخالق)، يعني: يكفي في شرط حذف اللام أن يكون مصدراً وفعلاً لفاعل الفعل المعلل، وفيه دليل على أن المقارنة ليست بشرط، قال صاحب "التخمير": "المقارنة ليست بشرط، بدليل قوله: (وَزِينَةٌ) فـ"زينة" منصوب بمعنى اللام، ولم تكن موجودة وقت الخلق، فالمعنى: بالمقارنة أن لا يكون متقدماً، ولا بأس بالتأخر، نحو: شربت الدواء إصلاحاً للبدن، والإصلاح متأخر غير واقع عند الشرب". وقال السجاوندي في "شرح المفصل": ولابد من أن يكون المصدر واقعاً بعد الفعل. وقال صاحب "الانتصاف": والجواب القوي أن الركوب هو المقصود الأصلي من هذه الأشياء، والتزيين تابع، فاقترن المقصود باللام الصريحة؛ لأنه أهم الغرضين، وحُذفت من الزينة لأنها تبع، وكذا عن القاضي.
قوله: (وخلقها زينة لتركبوها)، أي: خلق بمعنى: جعل، وزينة: ثاني مفعولية.