للناس: تصييرها نافعة لهم، حيث يسكنون بالليل، ويبتغون من فضله بالنهار، ويعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر، ويهتدون بالنجوم. فكأنه قيل: ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى: أنه سخرها أنواعا من التسخير جمع مسخر، بمعنى تسخير، من قولك: سخره الله مسخراً، كقولك: سرحه مسرحاً، كأنه قيل: وسخرها لكم تسخيرات بأمره. وقرئ بنصب (الليل والنهار) وحدهما، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر. وقرئ: (والنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ)، بالرفع. وما قبله بالنصب، وقال (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فجمع الآية. وذكر العقل، لأنّ الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة، وأبين شهادة للكبرياء والعظمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للفعل، فكان المعنى: سخر هذه الأشياء في حال كونها مسخرات بأمره، فهو خلق. نعم، يجوز أن يُستعار سخر لكم لقوله: نفعكم؛ لأن الغرض من تسخيرها النفع، فكأنه قيل: ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له.
قوله: (أنه سخرها أنواعاً من التسخير)، أي: جعل "مسخرات": مفعولاً مطلقاً، على تأويل مسخر بمعنى تسخير، ونما جمع لإرادة الأنواع.
قوله: (وقرئ: (وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ) بالرفع، وما قبله بالنصب): ابن عامر: "والشمس والقمر والنجوم مسخرات" بالرفع في الأربعة، وحفص: برفع (وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ) فقط، والباقون: بالنصب، وقال القاضي: هذا على الابتداء والخبر، فيكون تعميماً للحكم بعد تخصيصه.
قوله: (لأن الآثار العلوية أظهر دلالة)، أي من السفلية، يعني: حين ذكر الآثار