وقوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.. ﴾ (١).
وقوله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ.. ﴾ (٢).
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ... ﴾ (٣).
وقوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ... ﴾ (٤).
وقوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ (٥).
وهذه الآيات تدل دلالة واضحة على أنهم جميعاً من أشد الناس غلواً في دين الله فهم سواء في مجاوزتهم الحد.
الفرع الثاني: معنى الغلو في الدين.
أما معنى الغلو في الدين في الآية فيترتب على معرفة المخاطب بها، وقد قدمنا أن الأولى اعتبار الآية خطاباً للنصارى، وعليه فالغلو المقصود هو المذكور في الآيات السابقة في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ.. ﴾ (٦)، وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ.. ﴾ (٧).
فيكون الغلو في الدين في هذه الآيات السابقة هو مجاوزة الحق إلى الباطل، وهو في الاعتقاد القول بأن المخلوق يضاهي الخالق، أو أنه جزء من الخالق وبيده النفع والضر.
قال الإمام الطبري: " (لا تغلوا في دينكم) يقول: لا تفرطوا في القول فيما تدينون به من أمر المسيح، فتجاوزوا فيه الحق إلى الباطل، فتقولوا فيه هو الله أو هو ابنه، ولكن قولوا هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى: (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل
_________
(١) سورة المائدة الآية: (١٨).
(٢) سورة المائدة الآية: (١٩).
(٣) سورة المائدة الآية: (٥١).
(٤) سورة المائدة الآية: (٥٩).
(٥) سورة المائدة الآية: (٦٨).
(٦) سورة المائدة الآية: (٧٢).
(٧) سورة المائدة الآية: (٧٢ - ٧٣).


الصفحة التالية
Icon