الفرع الثاني: غلوهم في إطلاقهم حرية الرأي والتعبير:
إن من أشد غلو أهل الكتاب في العصر الحديث ما يسمونه بحرية الرأي والرأي الآخر، فتجاوزوا في حرية التعبير عن الرأي، فأصبح كل إنسان يقول ما يشاء وكيف يشاء حتى ولو قال رأيه في الذات الإلهية وبما لا يليق بخالقه، أو ينكر وجوده، أو يستهزئ برسل الله، أو بالكتب السماوية، ويسب الآخرين ويزدري بهم.
فجُعلت حرية الرأي والتعبير دون ضوابط، وهي فكرة تولى كبرها ووزرها اليهود والنصارى في عصرنا الحاضر، ولم يكتفوا بأن تكون في بلدانهم بل يريدون فرضها على العالم بأسره.
فمن المقالات التي نشرت في الولايات المتحدة الأمريكية ما يلي: "نشرت وكالة الأنباء الأمريكية الأسوشيتيد بريس في مارس ٢٠٠٢ م: اقتراح صحفي أمريكي يدعى ريتش لوري في مجلة ناشيونال ريفيو القائل بضرب مكة بقنبلة نووية، وقال: "ضرب مكة بقنبلة نووية سوف يرسل إشارة للمسلمين!
وقد زعم لوري تأييد عدد كبير من الأمريكيين لضرب مكة بقنبلة نووية. ووصف صحفي أمريكي ثان اسمه رود درمر فكرة تدمير مدينة مكة المكرمة بأنها جيدة" (١).
وأيضاً دعوة توم تانكريدو العضو الجمهوري بالكونجرس في يوم ٤ يوليو من عام ٢٠٠٥ م إلى ضرب مكة المكرمة بالقنبلة النووية لمنع هجوم إرهابي على أمريكا، ووصفه الأمريكيون الذين اعتنقوا الإسلام (أبرهة) القرن الواحد والعشرين، وقالوا: إن إعصار وطوفان كاترينا في نيو اورلينز، وكذلك إعصار وطوفان ريتا في تكسس كولورادو هو عقاب الله على التفكير بضرب مكة المكرمة نووياً، وشبهوهما بالطير الأبابيل التي صدت إبرهة وأفعاله عن هدم الكعبة (٢).
فكيف يسمح لمثل هؤلاء القوم أن يكتبوا ويعبروا عن أرائهم بمثل هذه الآراء العوجا الفاسدة والمثيرة للجدل، والداعية للحذر منهم ومن تعاملاتهم، وكان الأولى والأجدر بالولايات المتحدة الأمريكية راعية الحوار بين الحضارات كما تزعم أن تقود هؤلاء الناس إلى السجون، وتقوم بمحاكمتهم كونهم ممن يدعون إلى الإرهاب، ويثيرون الحقد بين المسلمين وغيرهم، وكل ما يحدث في عصرنا الحديث هو من الكيل بمكيالين، كما يحصل للمسلمات في فرنسا وألمانيا حينما يردن ارتداء الحجاب،
_________
(١) انظر: الإسلام وخرافة السيف (ص: ٢٤). الناشر: المكتبة الشاملة الإصدار الرابع.
(٢) انظر: موسوعة الدفاع عن رسول الله - ﷺ - (١٠/ ٤)، المؤلف: الباحث علي بن نايف الشحود.