المطلب الأول: مجادلة أهل الكتاب في العصر الأول من الإسلام.
إن الكلام عن مناظرة أهل الكتاب في العصر الأول من الإسلام مع رسول الله - ﷺ -، ومع المؤمنين ستكون على النحو التالي:
الفرع الأول: مناظرتهم مع الرسول - ﷺ - في العصر الأول من الإسلام:
ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم كثيراً من المناظرات التي تُحاجُّ أهل الكتاب وتجادلهم لتقيم عليهم الحجة، وترد على شبهاتهم التي يتذرعون بها في صدّهم عن سبيل الله، وكفرهم بآياته وبما جاءهم من الحق على لسان رسوله - ﷺ -، المصدق لما معهم، والناسخ لما فيها، وبين الله لنا موقفهم من ذلك الخطاب القرآني، فلقد كان عليه الصلاة والسلام يجري مع أهل الكتاب الكثير من المناظرات ليدحض باطلهم بالآيات البينات.
وهذه المناظرات كثيرة، وسنكتفي بذكر بعض منها على سبيل المثال، ولقد كانت أكثر الحوارات والمناظرات من أهل الكتاب مع رسول الله - ﷺ - إما متعلقة بأمور غيبية حصلت في الماضي قرأوها في كتبهم، كقصة أصحاب الكهف وذي القرنين، أو أمور غيبية متعلقة بالمستقبل، كالسؤال عن الروح والساعة والجنة، وكان بعضهم يريدون بذلك التأكد من صدق نبوة محمد - ﷺ -، ونحن نذكر نموذجين للمناظرة بين رسول الله - ﷺ - وأهل الكتاب:
أولاً: مناظرة الرسول - ﷺ - مع حبر يهودي غير معاند:
لقد كان من أشهر هذه المناظرات بين رسول الله - ﷺ - وأهل الكتاب ما جاء في حديث ثوبان مولى رسول الله - ﷺ - قال: {كنت قَائِمًا عِنْدَ رسول اللَّهِ - ﷺ - فَجَاءَ حِبْرٌ من أَحْبَارِ الْيَهُودِ فقال: السَّلَامُ عَلَيْكَ يا محمد، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ منها، فقال: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فقلت: ألا تَقُولُ: يا رَسُولَ اللَّهِ.