عليهما هَدَايَاهُمَا فَلاَ حَاجَةَ لنا بها، فَوَاللَّهِ ما أَخَذَ الله مِنِّى الرِّشْوَةَ حين رَدَّ علي ملكي فُآخُذَ الرِّشْوَةَ فيه، وما أَطَاعَ الناس فيَّ فَأُطِيعَهُمْ فيه!
قالت: فَخَرَجَاأي مبعوثا قريش من عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُوداً عَلَيْهِمَا ما جاءا بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مع خَيْرِ جَارٍ} (١).
فتبين من هذه الرواية أن النجاشي كان ممن يبحث عن الحق فهداه الله لذلك ومثل هؤلاء هم الذين شرحوا صدورهم للإيمان، فهداهم الله إلى صراطه المستقيم، وينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ (٢).
وينطبق عليهم أيضاً قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٣).
فتبين من هذه المناظرة أن من طلب الحق وبحث عنه، وفقه الله إلى ذلك، وزاده هدى قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ (٤).
ومن نسى الله أنساه نفسه كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (٥).
_________
(١) أخرجه أحمد بن حنبل في المسند، باب حديث الهجرة، (١/ ٢٠٢) رقم: (١٧٤٠) مرجع سابق، والجامع لأحكام القرآن (١١/ ٧٣) مرجع سابق، الدر المنثور للسيوطي (٥/ ٤٧٦).
(٢) سورة آل عمران الآية: (١١٣ - ١١٥).
(٣) سورة المائدة الآية: (٨٣ - ٨٥).
(٤) سورة محمد الآية: (١٧).
(٥) سورة الحشر الآية: (١٩).


الصفحة التالية
Icon