٣ - وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ (١) ويأتي التأكيد على هذا الأمر بالحكم بينهم بالقرآن في قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ (٢). وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (٣).
وكل هذه الآيات السابقة تبين أن القرآن الكريم هو المصدق للكتب السماوية السابقة، وأن رجوعهم إلى غيره من الكتب هو من اتباع الهوى، ومن حكم الجاهلية.
وأما معنى أن القرآن مصدق للكتب السابقة فهو أنه مهيمن ومسيطر وحاكم عليها؛ لأنه خاتمها، ومحفوظ بحفظ الله، ومستمر حفظه إلى قيام الساعة.
فالقرآن مصدق للتوراة في موضوعاتها، وحقائقها، ومصدق لها في العقيدة وأسسها، وفي الآداب والأخلاق والفضائل، وفي التاريخ والقصص، وفي التوجيهات والتقريرات، والترغيب والترهيب وغير ذلك (٤).
الفرع الثاني: أسباب تفضيل القرآن الكريم على غيره من الكتب.
تبين مما سبق أن الله قد بين مكانة القرآن الكريم بين الكتب السماوية السابقة، وأنه المهيمن على ما سبقه من الكتب، وقد أكد الله تعالى هذا المعنى بعدة أمور، يأتي في مقدمتها أنه دعا أهل الكتاب إلى الإيمان بالقرآن الكريم، وقد ذكر الله تعالى لذلك عدة حقائق تؤكد هذا الأمر منها ما يلي:
١ - أن القرآن الكريم هو المهيمن على جميع الكتب السماوية الأخرى، وأنه الحاكم عليها.
٢ - أفضليته وكماله كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ (٥)، وترجع أفضلية القرآن على غيره من الكتب إلى كماله من جهتين:
_________
(١) سورة المائدة الآية: (٤٨).
(٢) سورة المائدة الآية: (٤٩).
(٣) سورة النساء الآية: (١٧٠).
(٤) انظر: حديث القرآن عن التوراة، (ص: ١٥٩ - ١٦٠) المؤلف: الدكتور/صلاح عبدالفتاح الخالدي، الناشر: دار العلوم للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى، عام: ١٤٢٥ هـ ٢٠٠٤ م.
(٥) سورة الزمر الآية: (٢٣).