الفرع الثاني: بيان ما الذي يجب الإيمان به من الكتب السماوية:
وأما المسلمون فواجبهم من الإيمان بالكتب السابقة هو التصديق بما صح منها قبل تحريفه وتبديله، وأنها منزله من عند الله بالحق، والإيمان بكل كتاب أنزل على كل رسول من رسل الله، كالإنجيل المنزل على عيسى - عليه السلام -، والتوراة المنزلة على موسى - عليه السلام -، والصحف المنزلة على إبراهيم - عليه السلام -، والزبور المنزلة على داود - عليه السلام -، والقرآن الكريم المنزل على محمد - ﷺ -.
قال الإمام الماوردي (١) في بيان الواجب من الإيمان بالكتب بقوله: " والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بها إجمالاً، وأنها كلها منزلة من عند الله حقًّا، قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (٢).
الثاني: الإيمان بما سمي لنا منها على وجه الخصوص؛ كالتوراة، والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، قال تعالى: ﴿اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٣) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ (٣).
الثالث: الإيمان بما في هذه الكتب إجمالاً، وبما أخبرنا به الله ورسوله - ﷺ -.
الرابع: الإيمان بهذا القرآن المنزل على خاتم النبيين وأنه أشرف وآخر كتاب نزل من عند الله، وأنه ناسخٌ لما سبقه من الكتب، وأنه حاكم عليها، وأنه الذي يجب إتباعه بتصديق أخباره، وبإحلال حلاله، وتحريم حرامه، والعمل بأوامره، واجتناب نواهيه، قال تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (٤) " (٥).
_________
(١) الماوردي: هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، توفي عام (٤٥٠ هـ) من تصانيفه: الحاوي في الفقه وغيره. انظر: طبقات الشافعية الكبرى (٥/ ٢٦٧) مرجع سابق، وكلامه هذا في أعلام النبوة، (ص: ٧٠) الناشر: دار الكتاب العربي بيروت لبنان، الطبعة الأولى عام (١٤٠٧ هـ الموافق ١٩٨٧ م)، تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي.
(٢) سورة البقرة الآية: (١٣٦).
(٣) سورة آل عمران الآية: (٢٤).
(٤) سورة التغابن الآية: (٨).
(٥) انظر: النكت والعيون (١/ ٣٦٦) المؤلف: أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت / لبنان تحقيق: السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم.


الصفحة التالية
Icon