وقال أرنولد (١): "إننا نجد حتى من بين المسيحيين مثل الفار (الإسباني) الذي عرف بتعصبه على الإسلام يقرر أن القرآن قد صيغ في مثل هذا الأسلوب البليغ الجميل، حتى إن المسيحيين لم يسعهم إلا قراءته والإعجاب به" (٢)، وهذه شهادة لمتعصب يشهد أن هذا القرآن له أسلوب جميل وبليغ وجذاب، جعل الكثير من أتباع النصارى يقرءون القرآن إعجاباً به.
وقال المستشرق النمساوي فون همر (٣): "القرآن ليس دستور الإسلام فحسب، وإنما هو ذروة البيان العربي، وأسلوب القرآن المدهش يشهد على أن القرآن هو وحي من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانه بإعجاز الخطاب، فالكلمة لم يكن من الممكن أن تكون ثمرة قريحة بشرية" (٤).
وهذه الشهادة لهذا المستشرق النمساوي يذكر فيها أن القرآن هو الوحي الإلهي الصحيح، إضافة إلى أن القرآن هو الوحي المتضمن للحقيقة المركزة.
ويقول بول شفارتسنا: "القرآن وحي من الله، لا يحده زمان، ومتضمن للحقيقة المركزة" (٥).
_________
(١) توماس آرنولد ١٨٦٤ - ١٩٣٠: مستشرق إنجليزي (بريطاني)، اجتذبته الدراسات الشرقية، عكف على دراسة الإسلام، واختير لتدريس الفلسفة في كلية عليكرة الإسلامية في الهند، فقضى فيها عشر سنوات، كان لها تأثير بالغ في_تغير نظرته_ تجاه الإسلام، وكان يدعو إلى التوفيق بين الثقافة الإسلامية والفكر الأوربي، وتولى عدة مناصب، حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة براج (تشيكوسلوفاكيا) وانتخب عضواً في الأكاديمية البريطانية، وهي أعلى هيئة علمية في بريطانيا، عام ١٩٢٦. وقبل وفاته بعام دعته الجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن) أستاذاً زائراً، وبعد أن أمضى النصف الثاني من العام الدراسي ١٩٢٩ - ١٩٣٠ في التدريس بقسم التاريخ عاد إلى لندن وتوفي فيها في ٣٠ يونيو ١٩٣٠، من مؤلفاته " الدعوة الإسلامية" و "الخلافة" وغيرها. انظر: موسوعة المستشرقين (ص: ٩١٠)، المؤلف: عبد الرحمن بدوي، الناشر: دار العلم للملايين بيروت، الطبعة الثالثة، عام (١٩٩٣ م).
(٢) انظر: قالوا عن الإسلام، (ص: ٥٠) مرجع سابق.
(٣) ولد همر في النمساء في جراتس عام ١٧٧٤ م عين سكرتيرا لوزارة الخارجية ١٧٩٦ م وفي عام (١٨٠٧ م) أصبح مستشاراً وترجماناً للبلاط الإمبراطوري النمساوي؟ ورقي إلى درجة مستشار البلاط الإمبراطوري عام (١٨١٧ م)، واختير في عام (١٨٤٧ م) رئيساً لأكاديمية فيينا التي كانت قد أنشئت آنذاك، لكنه تخلى عن هذا المنصب عام (١٨٤٩ م)، وتوفي في فيينا في ٢٧ نوفمبر ١٨٥٦ م، قد أصدر من عام (١٨٠٨ م) إلى عام ١٨١٨ م مجلة (كنوز الشرق) في ستة مجلدات وجعل شعارها الآية القرآنية (سورة البقرة آية: ٤٢): (قل لله المشرق والمغرب)، ومن أشهر مؤلفاته: (تاريخ الإمبراطورية العثمانية في عشرة مجلدات) (نظام الحكم وإدارة الدولة في الإمبراطورية العثمانية) و (لمحة عن رحلة من القسطنطينية إلى بروسة) و (القسطنطينية والبوسفور). انظر: موسوعة المستشرقين (ص: ٦١٣ - ٦١٥)، مرجع سابق.
(٤) انظر: كتاب ربحت محمداً ولم أخسر المسيح (ص: ١١٥) مرجع سابق.
(٥) انظر: كتاب ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، (ص: ١١٥) مرجع سابق، نقلاً عن (يوميات مسلم ألماني) لمراد هوفمان (١٢٢).


الصفحة التالية
Icon