لا ينسخ ولا يبدل إلى يوم القيامة، (يقصدون بذلك دين الإنجيل)، وأنه لا يمكن أن نبشر بني إسرائيل برسول لسانه غير لسانهم، (يقصدون الرسول العربي محمداً - ﷺ -)، وأن كتابهم الحق المبين فيه تحذير من رسول أفاك مبين (يقصدون به محمداً - ﷺ -)، وأنه ساحر وشيطان رجيم قاتلهم الله أنى يؤفكون، وسنذكر في الفصل الرابع بعض البشارات التي وردت في كتب أهل الكتاب بمجيء الرسول الخاتم محمد - ﷺ -، والتي حاول محرفوا أهل الكتاب قديماً وحديثاً تحريفها بطرق ملتوية حتى لا تدل على الرسول - ﷺ -، ولكن الله غالب على أمره في إظهار الحق وأهله، وإزهاق الباطل وحزبه.
الفرع الرابع: إلغاء فريضة الجهاد عند المسلمين:
إن من أهم أهداف أهل الكتاب حديثاً من التحريف هو إقناع المسلمين بترك فريضة الجهاد حتى يتمكنوا من احتلال أرض المسلمين، والعمل على استعبادهم حتى يكونوا خداماً مطيعين لهم؛ وسبب ذلك خوفهم من الجهاد، ورغبتهم في نشر ثقافة الاستسلام والخضوع والضعف والجبن في ديار المسلمين، فقد زعم هذا الفرقان المكذوب" أن الله سبحانه لم يأمر بالجهاد في سبيله، وحرص على نفي هذه الشعيرة، وبدا هذا الحرص في أكثر من مكان؛ لهدم هذه الفريضة، ويصفها أنها من تحريض الشيطان بقوله: " وزعمتم بأننا قلنا: قاتلوا في سبيل الله وحرَّضوا المؤمنين على القتال، وما كان القتال سبيلنا، وما كنا لنحرض المؤمنين على القتال، إن ذلك إلا تحريض شيطان رجيم لقوم مجرمين" (١) (الموعظة: ٢)، وبلغ به حد إنكار الجهاد أن سمَّى إحدى سوره بسورة (المحرضين ٥٧).
أما فيما يسمى: بسورة الطاغوت فإنه عند مهاجمته لشريعة الجهاد التي يتهمها زوراً بالعدوانية والظلم وتقتيل الأبرياء، ينقل على نحو محرف ما جاء فى سورة " التوبة "من قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (٢) إذ يقول: " وافترَوْا على لساننا الكذب بأنا اشترينا من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيلنا وعدا علينا حقا في الإنجيل. ألا إن المفترين كاذبون" (الطاغوت: ٨) (٣).
_________
(١) انظر: القرآن الأمريكي (ص: ١٠) مرجع سابق.
(٢) سورة التوبة الآية: (١١١).
(٣) انظر: القرآن الأمريكي (ص: ١٠) مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon