الأول: التحريف اللفظي.
والثاني: التحريف المعنوي. وكل منهما على وجوه كالتالي:
الوجه الأول: "التأويلات الباطلة، والتفسيرات الفاسدة، وذلك بحسب أهوائهم وشهواتهم كما قال تعالى: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (١).
وقد ذكر المفسرون عدة معاني لتحريفهم كلام الله في هذه الآية فمنها:
أن التحريف هو: الميل به عن معناه ووجهه الصحيح، قال الطبري: " أي: يميلونه عن وجهه ومعناه الذي هو معناه إلى غيره، بتأويل ما حرفوا، وأنه بخلاف ما حرفوه إليه" (٢).
وقال أسعد حومد: إنهم كانوا يتأولونه، ويعطونه معنىً آخر غير معناه الصحيح من بعد ماعرفوه، وفهموا معناه على حقيقته، ومع ذلك فإنهم يخالفون عن علمٍ وبصيرة، وهم يعلمون أنهم على غير الحق فيما ذهبوا إليه من تأول وتحريف" (٣) وهذا النوع من التحريف يكون بالتأويلات الفاسدة والباطلة، وهذا التحريف حصل منهم عمداً، وهو من المعاني المقصودة عندهم.
ويزيد بعض المفسرين هذا بياناً بذكر بعض الأمثلة، فقد قال الجزائري في تفسير هذه الآية أنه: "الميل بالكلام على وجه لا يدل على معناه، كما قالوا في نعت الرسول - ﷺ - في التوراة: أكحل العينين ربعة، جعد الشعر، حسن الوجه، قالوا: طويل أزرق العينين، سبط الشعر" (٤).
الوجه الثاني: تبديل ألفاظ الكتب الإلهية بألفاظ أخرى لتعطي دلالات توافق ما يريدون، على خلاف المعنى المراد منه في التنزيل، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (٥).
وهذه الآية فيها دلالة واضحة على تبديلهم للفظ الكلام بخلاف ما طلب منهم.
_________
(١) سورة البقرة الآية: (٧٥).
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (٢/ ٢٤٩) مرجع سابق.
(٣) انظر: أيسر التفاسير لأسعد حومد (١/ ٨٢) مرجع سابق.
(٤) أيسر التفاسير للجزائري (ص: ٤٤) مرجع سابق.
(٥) سورة البقرة الآية: (٥٨ - ٥٩).


الصفحة التالية
Icon