فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (١) وقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (٢). في الكفار كلها} " (٣).
فهذا يدل على أن تبديلهم كان بحسب أهوائهم، واسترضاءً منهم لقادتهم ورؤساءهم حينما كثر فيهم ممارسة الزنا بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا﴾. أي: إذا أفتاكم محمد بشيء لا يوافق أهواءكم وأهواء قادتكم فلا تقبلوه، ولو كان من رسول الله - ﷺ -، وهذا يدل أيضاً على أنهم يعلمون أن القرآن هو الحق، وأن محمداً - ﷺ - جاء بالحق، وإلا لما تحاكموا إليه، وإنما أرادوا بذلك السؤال علَّهم يجدون بذلك رخصة من رسول الله - ﷺ - حتى يحاجُّوا بها عوامهم.
الثاني: ومن ذلك تحريف اليهود لكلمة: (السلام) حينما كانوا يسلمون على رسول الله بـ (السام) يعني الموت، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (٤).
وقد حذر رسول الله - ﷺ - المسلمين منهم بقوله: ﴿إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم، فقولوا: وعليكم﴾ (٥). قال الشيخ الألباني: صحيح، وقد حذر النبي - ﷺ - أيضاً المسلمين من اليهود والنصارى بقوله: ﴿إذا سلم عليك اليهودي والنصراني فإنما يقول: السام عليكم، فقل: عليكم﴾ (٦).
وهناك أمثلة كثيرة على التحريف بالتبديل من كتبهم السابقة، فمنه ما جاء في" السفر الثاني من أخبار الأيام من النسخة العبرانية: (لأن الرب ذلل يهوذا بسبب آحاز ملك إسرائيل) (٧)، فلفظ
_________
(١) سورة المائدة الآية: (٤٥).
(٢) سورة المائدة الآية: (٤٧).
(٣) أخرجه مسلم، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا (٣/ ١٣٢٧) رقم: (١٧٠٠) مرجع سابق.
(٤) سورة المجادلة الآية: (٨).
(٥) أخرجه أبي داود في السنن، في باب السلام على أهل الذمة رقم: (٥٢٠٦)، (٢/ ٧٧٤) المؤلف: سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، الناشر: دار الفكر، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ومذيلة بأحكام الألباني عليها.
(٦) أخرجه النسائي في سننه الكبرى، باب ما يقول لأهل الكتاب إذا سلموا عليه، وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، (٦/ ١٠٢)، برقم: (١٠٢١١) المؤلف: أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١١ هـ ١٩٩١ م، تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن.
(٧) موسوعة الكتاب المقدس، (٢/ ٢٢٢)، السفر الثاني من أخبار الأيام (١٩: ٢٨) مرجع سابق.