ياسر بن أخطب وأخيه حيي بن أخطب (١) عندما سمعا بمجيء النبي - ﷺ - إلى المدينة وأتياه ليتبينا صفاته، فوجداه كما وُصف في كتبهم، فقد روى ابن إسحاق أن أم المؤمنين صفية بنت حيي قالت: سمعت عمي ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: ﴿أهو هو.
قال: نعم والله.
قال: أتعرفه وتثبته.
قال: نعم.
قال: فما في نفسك منه.
قال: عداوته والله ما بقيت! ﴾
(٢).
بل تجاوزوا ذلك إلى اتهامه بهتاناً بالضلال، ويدل على ذلك أن مجموعة من يهود بني النضير (٣) قدموا على مكة كما جاء في الأثر [[فلما قدموا على قريش، قالوا: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الأولى، فاسألوهم أدينكم خير! أم دين محمد فسألوهم فقالوا: دينكم خير دين من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه! فأنزل الله قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً﴾ (٤)]] (٥).
وكانوا يعلمون أن القرآن الكريم هو الكتاب الحق المبين، وأنه النور الذي جاء به الصادق الأمين - ﷺ - قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو
_________
(١) حيي بن أخطب النضري، أدرك الإسلام وآذى المسلمين، فأسروه يوم قريظة، ثم قتلوه. انظر: البداية والنهاية، (٣/ ٢١٢) المؤلف: أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، الناشر: مكتبة المعارف بيروت بلا تاريخ طبعة.
(٢) انظر: السيرة النبوية لابن هشام، (٣/ ٥٣) المؤلف: عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري أبو محمد، الناشر: دار الجيل بيروت الطبعة: الأولى، عام ١٤١١ هـ، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، ودلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٥٣٣) تحقيق: وثق أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه الدكتور: عبد المعطي قلعجي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ ودار الريان للتراث، الطبعة الأولى عام (١٤٠٨ هـ / ١٩٨٨ م)، والخصائص الكبرى للسيوطي، (ص: ٣٢٦) المؤلف: أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت ١٤٠٥ هـ ١٩٨٥ م.
(٣) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنهم: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وأبو عمارة، وهوذه بن قيس، انظر: لباب النقول في أسباب النزول، (ص: ٧١) المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، الناشر: دار إحياء العلوم بيروت.
(٤) سورة النساء الآية: (٥١).
(٥) انظر: لباب النقول في أسباب النزول، (ص: ٧١) نفس المصدر.


الصفحة التالية
Icon