بعبادة الله وحده، وهو من قياداتهم السابقة كما قال تعالى: ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ (١).
الفرع الثاني: آيات نقض اليهود والنصارى للعهد والميثاق بكتمانهم نبوته - ﷺ -، وأقوال المفسرين فيها.
إن الله قد أخذ على اليهود والنصارى من أهل الكتاب العهد والميثاق ببيان كل ما أنزله عليهم في شأن محمد عبده ورسوله وخاتم أنبائه ورسله، المبشر به في كتبهم السابقة، وذلك ما قاله أهل التفسير في معنى الميثاق المأخوذ عليهم كما سبق، وأن الله قد حذرهم من كتمان صفاته - ﷺ - وأخباره، وسنذكر هنا بعض الآيات التي تتحدث عن العهد والميثاق المأخوذ عليهم.
الآية الأولى:
قال تعالى: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ (٢).
وأما الميثاق الذي أخذه الله على أهل الكتاب في هذه الآية أن يبينوا للناس صفات الرسول - ﷺ -، وحذرهم من كتمان ذلك، وقد بين أهل التفسير معنى البيان والكتمان المقصود في هذه الآية، فقد جاء في الأثر عن ابن عباس أنه قال: كان أمرهم أن يتبعوا النبيَّ الأميَّ الذي يؤمن بالله وكلماته، وقال تعالى: ﴿اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (٣)، فلما بعث الله محمدًا - ﷺ - قال الله: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ (٤) عاهدهم على ذلك، فقال حين بعث محمدًا - ﷺ -: صدِّقوه، وتلقون الذي أحببتم عندي (٥).
وقد روي عن السدي أيضاً أنه قال: إن الله أخذ ميثاق اليهود ليبيننه للناس، أي محمدًا - ﷺ -، ولا يكتمونه، فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنًا قليلا" (٦).
_________
(١) سورة طه الآية: (٩٦).
(٢) سورة آل عمران الآية: (١٨٧).
(٣) سورة الأعراف الآية: (١٥٨).
(٤) سورة البقرة الآية: (٤٠).
(٥) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، (٤/ ٢٠٢) برقم (٨٣٢٠) مرجع سابق.
(٦) انظر: المصدر نفسه، (٤/ ٢٠٢) برقم (٨٣٢١).


الصفحة التالية
Icon