قال أبو حيان (١): "فالمختار أن (أنتم) مبتدأ، و (هؤلاء) خبر، و (تقتلون) حال، وقد قالت العرب: ها أنت ذا قائماً، وها أنا ذا قائماً، وقالت أيضاً: هذا أنا قائماً، وها هو ذا قائماً، وإنما أخبر عن الضمير باسم الإشارة في اللفظ، وكأنه قال أنت الحاضر وأنا الحاضر وهو الحاضر، والمقصود من حيث المعنى الإخبار بالحال، ويدل على أن الجملة حال مجيئهم بالاسم المفرد منصوباً على الحال فيما قلناه من قولهم ها أنت ذا قائماً ونحوه" (٢).
الفرع الثاني: مخاطبتهم بتوجيه الأوامر إليهم، وذلك على النحو التالي:
١ - الخطاب بفعل الأمر:
كما في قوله تعالى: ﴿وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ (٣).
٢ - الخطاب باسم فعل الأمر:
ومنه خطابهم بـ (تعالوا) كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ (٤).
ومنه خطابهم باسم فعل الأمر (هَلُمَّ) كقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ (٥).
الفرع الثالث: مخاطبتهم على سبيل الاستفهام، ويكون للإنكار أو للتعجب، ويأتي على النحو التالي:
١ - الاستفهام بالهمزة كما في الآيات التالية:
_________
(١) أبو حيان: هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف الغرناطي، أثير الدين أبو حيان الأندلسي، ولد سنة (٦٥٤ هـ)، وتوفي سنة (٧٤٥ هـ)، ومن أشهر مؤلفاته: تفسيره المسمى: البحر المحيط. انظر: طبقات المفسرين للداووي (٢/ ٢٨٧) وطبقات المفسرين للأدنروي (ص: ٢٧٨) مرجع سابق.
(٢) انظر: تفسير البحر المحيط (١/ ٤٥٨) مرجع سابق.
(٣) سورة البقرة الآية: (٤١).
(٤) سورة آل عمران الآية: (٦١).
(٥) سورة الأنعام الآية: (١٥٠).