والديانة النصرانية: "هي الدين الذي انحرف عن الرسالة التي أُنزلت على عيسى - عليه السلام - مكمِّلة لرسالة موسى - عليه السلام -، ومتممة لما جاء في التوراة من تعاليم، موجهة إلى بني إسرائيل، داعية إلى التوحيد والفضيلة والتسامح، ولكنها جوبهت بمقاومة واضطهاد شديد، فسرعان ما فقدت أصولها، مما ساعد على امتداد يد التحريف إليها، فابتعدت كثيراً عن أصولها الأولى؛ لامتزاجها بمعتقدات وفلسفات وثنية.
وقيل: هي رسالة أنزلها الله تعالى على عبده ورسوله عيسى ابن مريم - عليه السلام - إلى بني إسرائيل بعد أن انحرفوا وزاغوا عن شريعة موسى - عليه السلام -، وغلبت عليهم النزعات المادية، وافترقوا بسبب ذلك إلى فرق شتى" (١).
فتبين من التعريف الاصطلاحي أن النصارى هم الذين ينتسبون إلى نبي الله عيسى - عليه السلام -، وأن رسالته كانت مصدقة ومتممة لرسالة موسى - عليه السلام -، ومبشرة برسالة خاتم الأنبياء محمد - ﷺ -.
الفرع الثالث: سبب تسميتهم.
قال ابن سيده: " وهم ينسبون إلى قرية يقال لها نَصُوْرِيَّةُ" (٢).
وتقدم في معجم لغة الفقهاء أن تسميتهم بذلك نسبة إلى نصران أو الناصرة، وذكر أنها قرية في الخليل من فلسطين.
وقال الألوسي (٣): " وسموا بذلك نصارى كونهم أنصار الله تعالى وهو وجه مشهور، وقيل: نسبة إلى بلدة تسمى الناصرة أو نصورية ونسبوا إليها. (٤).
وقيل: "الناصرة (Al Nasira)، أوناصرة (Nasirat) في العبرانية الحديثة، أو Nazareth في اللغات الأوربية، هي مدينة في شمال فلسطين (٥)، واقعة في منخفض هلالي الشكل، محاط بالجبال،
_________
(١) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (٢/ ٥٦٤) مرجع سابق.
(٢) انظر: المحيط في اللغة (٨/ ١٢٧)، مرجع سابق.
(٣) أبو الثناء محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي، شهاب الدين، ولد عام ١٢١٧ هـ، ومات عام ١٢٧٠ هـ مفسر ومحدث وأديب، من أهل بغداد. انظر: الأعلام للزركلي (٧/ ١٧٦) مرجع سابق، ومعجم المؤلفين (١٢/ ١٧٥).
(٤) انظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني (٦/ ٩٦) المؤلف: العلامة أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسي البغدادي، الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت.
(٥) النّاصرة مدينة في شمالي فلسطين المحتلة. عدد سكانها ٥٢٢٠٠ نسمة، وقد كانت موطن عيسى - عليه السلام - أثناء شبابه الباكر، وكانت المدينة تابعة لولاية الجليل الرومانية، وقد ظلت الناصرة بدون ذكر لعدة سنوات بعد زمن عيسى - عليه السلام -؛ ولكن زارها الحُجَّاج من النصارى في القرن السادس الميلادي وتم بناء كاتدرائية (كنيسة) كبيرة فيها. فتح المسلمون المدينة في العقد الأول من القرن السابع الميلادي، ولقد احتلها الصليبيون وبنوا فيها عددًا من الكنائس، ثم حررها المسلمون عام (١٥١٧ م). انظر: الإصدار الإلكتروني للموسوعة العربية العالمية (١).