جاء في حديث جبريل المشهور، وسؤاله للرسول - ﷺ - عن الإسلام والإيمان والإحسان قول الرسول - ﷺ - لأصحابه: ﴿هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم﴾ (١).
فجمع أمور الدين فيما ذكر، وقد ذكر العلماء أن هذه الثلاثة هي مراتب الدين، فالإسلام أدناها، ثم الإيمان، ثم الإحسان، إلا أن الإسلام يطلق بمعنى الدين كاملاً، وكذلك الإيمان، ولا يطلق الإحسان على هذا المعنى، ولذا فسنقوم في هذا المبحث بتعريف الدين كمرادف للإسلام والإيمان، ثم نذكر دعوة أهل الكتاب إليه في الخطاب القرآني، وعليه فسنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الدين لغة واصطلاحاً:
الفرع الأول: تعريف الدين لغة.
ذكر علماء اللغة عدة تعريفات للدين من حيث عمومه، فمن هذه التعريفات اللغوية ما ذكره ابن فارس: "الدال والياء والنون أصلٌ واحد إليه يرجع فروعُه كلُّها. وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل.
فالدِّين: الطاعة، يقال: دان له يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ (٢) وانقاد وطَاعَ. وقومٌ دِينٌ، أي مُطِيعون منقادون" (٣).
وفي حديث أَبي طالب: قال له - ﷺ -: ﴿أُريد من قريش كلمة تَدينُ لهم بها العرب﴾ (٤) أَي: تطيعهم وتخضع لهم (٥).
فالدين إذن راجع إلى معنى الانقياد والطاعة والخضوع كما يقرر ابن فارس رحمه الله تعالى، وحين ننظر في كتب معاجم اللغة نجد أنها تذكر للدين عدة معان، وهي في الحقيقة ترجع إلى المعنى الذي ذكره ابن فارس، فمن هذه المعاني:
_________
(١) انظر: أخرجه مسلم، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى، وبيان الدليل على التّبري ممن لا يؤمن بالقدر، وإغلاظ القول في حقه (١/ ٣٦) برقم: (٨) مرجع سابق.
(٢) أصحب: رباعي من باب (صحب) وهي بمعنى الانقياد والطاعة. انظر: معجم مقاييس اللغة (٣/ ٣٣٥)، المؤلف: أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا. دار الجيل بيروت لبنان ١٤٢٠ هـ ١٩٩٩ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد السلام محمد هارون.
(٣) انظر: معجم مقاييس اللغة (٢/ ٣١٩) مرجع سابق.
(٤) انظر: صحيح وضعيف سنن الترمذي الباب رقم (٣٢٣٢) (٧/ ٢٣٢) تحقيق الألباني: ضعيف الإسناد.
(٥) انظر: لسان العرب (١٣/ ١٦٧) المؤلف: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، الناشر: دار صادر - بيروت، الطبعة الأولى.


الصفحة التالية
Icon