ثم ذكر في حواشي الشرواني محترزات التعريف فقال: "احترز بقوله: (إلهي) عن الأوضاع البشرية، نحو الرسوم السياسية والتدبيرات المعاشية، وقوله: (سائق لأولي الألباب) احتراز عن الأوضاع الطبيعية التي تهتدي بها الحيوانات لخصائص منافعها ومضارها.
وقوله: (باختيارهم المحمود) عن المعاني الاتفاقية والأوضاع القسرية.
وقوله: (إلى ما هو خير لهم بالذات) عن نحو صناعتي الطب والفلاحة؛ فإنهما وإن تعلقتا بالوضع الإلهي أعني تأثير الأجسام العلوية والسفلية، وكانتا سائقتين لأولي الألباب باختيارهم المحمود إلى صنف من الخير فليستا تؤديانهم إلى الخير المطلق الذاتي، أعني ما يكون خيراً بالقياس إلى كل شيء، وهو السعادة الأبدية والقرب إلى خالق البرية" (١).
وهذه الاحترازات واضحة لا تحتاج إلى مزيد من البيان؛ لكن الشرواني نبه إلى أنه يتناول الأصول والفروع، ثم قال: وقد يخص بالفروع.
وفي حاشية الرملي (٢) بعد أن ذكر التعريف السابق زاد عليه بقوله: "وقيل: هو الطريقة المخصوصة المشروعة ببيان النبي - ﷺ -، المشتملة على الأصول والفروع والأخلاق والآداب" (٣).
وهذا التعريف أخص من التعريف السابق وأشمل؛ لأنه حدد الدين بما يخص الإسلام الناسخ لما قبله. فلا يدخل فيه غيره من الأديان لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ (٤).
وإذا كان المقصود بالدين هو الإسلام فلنذكر تعريفه كما وعدنا:
_________
(١) انظر: حواشي الشرواني على تحفة المحتاج (١/ ٢١). وذكر أن هذا منقول عن حاشية ابن قاسم على التحفة.
(٢) هو محمد بن شهاب الدين أحمد بن أحمد حمزة الأنصاري شمس الدين الرملي، يعرف بالرملي الشافعي، ولد سنة (٩١٩ هـ) وتوفي بمصر سنة (١٠٠٤ هـ). من تصانيفه: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للنووي، وشرح البهجة الوردية مختصر الحاوي الصغير، وغاية البيان في شرح زبد ابن رسلان، غاية المرام في شرح شروط المأموم والإمام لوالده، والغرر البهية في شرح مناسك النووية، وفتح الجواد بشرح منظومة ابن العماد. انظر: البدر الطالع (٢/ ١٠٢)، وخلاصة الأثر (٣/ ٣٤٢)، وهدية العارفين (١/ ٥٨٩) مرجع سابق.
(٣) انظر: حاشية الرملي (١/ ٤) بلا.
(٤) سورة آل عمران: من الآية (١٩).


الصفحة التالية
Icon