وقد قالوا من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الاخرة والدنيا ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما ذللت طالبا فعززت مطلوبا وقد أحسن من قال
من لم يذق طعم المذلة ساعة * قطع الزمان بأسره مذلولا
حرصه على العلم
[فصل] ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون وينبغي أن يأخذ نفسه بالإجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تفقهوا قبل أن تسودوا