يخلق (١) على كثرة التردد وتغاير الأحيان (٢)، ويسره للذكر حتى استظهره (٣) صغار الولدان، وضمن حفظه من تطرق التغير إلى والحدثان (٤)، وهو محفوظ بحمد الله وفضله ما اختلف الملوان (٥)، ووفق للإعتناء بعلومه من اصطفاه من أهل الحذق والإتقان، فجمعوا فيها من كل فن ما ينشرح له صدر أهل الإيقان، أحمده على ذلك وغيره من نعمه التي لا تحصى خصوصا على نعمة الايمان، وأسأله المنة علي وعلى سائر أحبابي وسائر المسلمين بالرضوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة محصلة للغفران، منقذة صاحبها من النيران، موصلة له إلى سكنى الجنان (٦).
[أما بعد] فإن الله سبحانه وتعالى من على هذه الأمة - زادها الله تعالى شرفا (٧) - بالدين الذي ارتضاه دين الإسلام (٨)، وأرسل إليها محمدا خير الأنام، عليه منه أفضل الصلاة والبركات والسلام، وأكرمها بكتابه

(١) خلق الثوب، بلي، وثوب خلق: أي بال.
(٢) الحين: الوقت والزمن.
والجمع: أحيان.
(٣) يقال: استظهرت به استعنت، واستظهرت في طلب الشئ، تحريت وأخذت بالاحتياط.
اه - مصباح.
ومعناه هنا: أي حفظه الولدان عن ظهر قلب.
(٤) الحدوث، والحدث، والحادثة، والحدثان: بمعنى واحد كله.
وهو: كون الشئ بعد أن لم يكن، وهو مرادف لما قبله وهو التغير.
أي لا يتطرق عليه شئ من هذا.
(٥) الملوان: هو الليل والنهار.
(٦) لا يخفى عليك مما قدمه المؤلف في مقدمة كتابه هذا - رحمه الله تعالى - من السجع اللطيف البعيد عن التكلف والتعقيد، وهو: المحمود في علم البلاغة.
(٧) الجملة التي وقعت بين السهمين هي جملة معترضة فتنبه لها.
(٨) فأشار المؤلف - رحمه الله تعالى - إلى قوله سبحانه: (وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الاسلام دينا) المائدة: آية ٥.
(*)


الصفحة التالية
Icon