من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيَانُ أن اللهَ بيَدِهِ كُلُّ شَيءٍ؛ إنْ شَاءَ متَّعَ النَّاسَ وأَبقَاهُمْ، وإِنْ شَاءَ أهلَكَهُم، لقَولِهِ: ﴿بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ﴾ فالتَّمتِيعُ عَائِدٌ إلَيهِ وَحْدَهُ.
وأفعَالُ اللهِ لَيسَ لَهَا حَصْرٌ، فالَّذِي مَتَّعهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وكُلُّ مَا فِي الكَوْنِ فهُوَ مِنْ فِعْلِ اللهِ فَلَا حَصْرَ لَهُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الحِكْمَةُ فِي إبقَاءِ الكَافِرِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وإلَّا لأَهْلَكَهُ، لكِنْ لَهُ الحِكْمَةُ، ومنَ الحِكْمَةِ أَنْ يَأتِيَ حقٌّ فيُؤمِنُ بِهِ، فيَسعَدُ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ، ومِنَ الحِكْمَةِ فِي بقَاءِ الكُفَّارِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ امتِحَانٌ للمُؤمِنينَ مَعَ هؤُلَاءِ الكُفَّارِ، بجِهَادِ الكُفَّارِ، وظُهُورِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَى المُسلمِينَ بالإسْلَامِ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن مَا جَاءَ بِهِ النَّبيُّ - ﷺ - فهُوَ حَقٌّ، إِنْ كَانَ أخْبَارًا فهِيَ صِدْقٌ، وإِنْ كَانَتْ أحْكَامًا فهِيَ عَدْلٌ، ولَيسَ فِيمَا جَاءَ بِهِ النَّبيُّ - ﷺ - بَاطِلٌ، كُلُّه حَقٌّ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن محُمَّدًا - ﷺ - رَسُولُ اللهِ حقًّا.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن النَّبيَّ - ﷺ - بيَّن كُلَّ مَا تَحتَاجُهُ أُمَّتُه إِلَيهِ مِنْ خَيرٍ فتَفْعَلُه، ومِنْ شَرٍّ فتَترُكُه، قَال أبُو ذَرٍّ - رضي الله عنه -: لقَدْ تُوفِّيَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - وَمَا مِنْ طَائِرٍ يُقلِّب جَنَاحَيهِ فِي السَّماءِ إلا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا (١).
وإذَا شِئْتَ مِصدَاقَ هَذَا القَوْلِ فانْظُرِ: الشَّريعَةُ الإسْلامِيَّةُ جاءَتْ بتَقْرِيرِ التَّوحِيدِ، وهَذَا أعظَمُ مَا يَكُونُ، جَاءَتْ ببَيَانِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والحَجِّ والصِّيامِ، جَاءَتْ بآدَابِ الأكْلِ والشُّربِ، جاءَتْ بآدَابِ التَّخلِّي منْهُما -مِنَ الأكْلِ والشُّربِ-

(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ١٥٣).


الصفحة التالية
Icon