ليَصرِفَ قلْبَه عمَّا يُعجِبُه ممَّا رَآهُ فِي الدُّنيا، ثُمَّ وَطَّن النَّفْسَ وَقَال: "إِنَّ الْعَيشَ عَيشُ الْآخِرَة" واللهِ هَذَا هَوَ الحَقُّ.
أمَّا عَيشُ الدُّنيا فإِنَّه مهْمَا طَابَ لَكَ مَحْفُوفٌ بنكدٍ قَبْلَهُ ونَكَدٍ بعْدَه؛ لأنَّكَ لَنْ تُحصِّلَه غَالِبًا إلَّا بتَعَبٍ، ثُمَّ إِذَا حصَّلتَه هَلْ سيَبْقَى لَكَ هَذَا أَوْ لَا يَبْقَى؟ هَلْ ستَبْقَى لَهُ أَوْ لَا تَبْقَى؟ ولَا بُدَّ مِنْ أحَدِ الأمرْينِ: إمَّا تَمُوتُ وتَتَرُكُه، وإمَّا أَنْ يَهلِكَ وأنْتَ حيٌّ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: البُشرَى للمُتَّقِينَ، وأنَّ لهُمُ الآخِرَةَ، فالآخِرَةُ خَيرٌ للمُتَّقينَ، ففِيهِ البِشَارَةُ وأنَّ الإنسَانَ المُتَّقِيَ إِذَا انتَقَلَ مِنَ الدُّنيا فلَا يَنْدَمُ؛ لأَنَّه انتَقَلَ إِلَى دَارٍ أحسَنَ وأفضَلَ ممَّا فَارَقَهُم.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الحَثُّ عَلَى التَّقوَى، وذَلِكَ لأنَّ ذِكْرَ الجزَاءِ والثَّوابِ يَستَثِيرُ النَّفسَ حتَّى يَصِلَ الإنسَانُ إِلَى الوَصْفِ الَّذِي يَحصُلُ بِهِ عَلَى الثَّوابِ.