بشَيءٍ، فإِمَّا أَنْ يَكُونَ بذِكْرِ اللهِ، وإمَّا أَنْ يَكُونَ بوَسَاوسِ الشَّيطانِ، ولَا بُدَّ، لَا تَجِدُ أحَدًا قلبُهُ ساكِنٌ لَا يَتَحرَّكُ ولَا يُرِيدُ، هَذَا مُستحِيلٌ.
ولهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ فِي الأسْمَاءِ: "أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ" (١) هَمَّامٌ الإرادَةُ القلبِيَّةُ، والحَارِثُ العَمَلُ، كُلُّ إنسَانٍ هكَذَا لَا بُدَّ. فيُهيِّئُ اللهُ لَهُ هَذَا الشَّيطانَ الَّذِي يُقارِنُهُ ولَا يُفارِقُهُ.
فإِنْ قَال قَائِلٌ: بالنِّسبَةِ لقُرنَاءِ السُّوءِ، إذَا كَانَ هُنَاكَ إنسَانٌ مُنحَرِفٌ يَظُنُّ الإنسَانُ أنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَهُ رُبَّما يَدْعُوهُ، هَلْ يُصاحِبُه أَوْ يُصادِقُه؟
فالجَوابُ: ليسَ هَذَا صحيحًا، بَلْ يَجْلِسُ معَهُ للدَّعوةِ للحَقِّ ويُفارِقُه؛ لأنَّهُ لَا بُدَّ إذَا لازَمَهُ أَنْ يَتَأثَّر، ولَا نَدْرِي هَلْ يُؤثِّرُ المُستقِيمُ عَلَى المُنحَرِفِ، أَو المنْحَرِفُ عَلَى المُستقِيمِ.
والمُشَاهَدُ الْآنَ فِي الغَالِبِ أن المُنحرِفَ هُوَ الَّذِي يُؤثِّرُ عَلَى المُستَقِيمِ، هَذَا لَا نَعْلَمُه، فأنْتَ لَا تُقارِنُه، تَأتِي تَزورُهُ أَوْ تَدْعُوه إِلَى بيتِكَ فَقَطْ. أمَّا أَنْ تُلازِمَهُ وتَجعَلَهُ صَاحِبًا لَكَ فأنْتَ عَلَى خَطَرٍ عظِيمٍ، والإنسَانُ تُسوِّل نفسُهُ أنَّهُ إِذَا صَاحبَهُ كَانَ سَبَبًا فِي إقَامَتِهِ، ويَكُونُ الأمْرُ بالعَكْسِ مِثْلَ المرْأةِ يَخْطِبُها إنسَانٌ مُنحَرِفٌ، وتَرْغَبُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ، وتَقُولُ فِي نفْسِهَا، أَوْ يَقُولُ وَليُّها: يَهْدِيهِ اللهُ. لعَلَّ اللهَ يَهدِيهِ إذَا تَزوَّجَ، ويَكُونُ الأمْرُ بالعَكْسِ، هذ المَرأةُ المُستقِيمَةُ تَكُونُ مُنحَرِفَةً بوَاسِطَةِ هَذَا الزَّوجِ.
والوَاجِبُ عَلَى الإنسَانِ إِذَا كَانَ لَهُ أخٌ مُستقِيمٌ ثُمَّ انحَرَفَ -مِنْ ناحِيَةِ نُصحِهِ أو تَركِهِ بالكُليَّةِ- لأنَّ الانحِرَافَ ينَصبُّ عَلَى المعَاصِي وعَلَى الدُّنيَا؛ الواجِبُ أَنْ